20‏/09‏/2009

قصة أبو منخار

يقولون أن ملِكاً أصابه داء الغرغرينا في انفه (منخاره) وأشار الأطباء عليه أن لا بد من جدع انفه (قطعه) وإلا انتشر المرض في كل جسمه مما سيقضي عليه حتماً.. وافق الملِك رأي أطباءه وجُدع أنفه.

خرج الملِك إلى وزراءه وخدمه وحشمه بدون انف، فتلامز الوزراء وتغامزوا عليه، انتبه الملِك للهمز واللمز وقرر أن على كل الوزراء والخدم والحشم أن يجدعوا أنوفهم.. وجُدعت الأنوف.. حينها لا أحد يسخر من احد.

خرج الوزراء والخدم والحشم إلى الشعب، بلا أنوف، فتلامز الشعب عليهم وتهامزوا وتلامزوا وتهامسوا، انتبه الوزراء والخدم والحشم لذلك، فصدر القرار أن على كل واحد من الشعب أن يجدع انفه، لا بل على كل مولود جديد أن يُجدع انفه... فجُدعت الأنوف...

مر الزمان ودار ودورته واعتاد الناس على بعضهم بدون أنوف، فتوقف الهمز واللمز والتهامس والتلامز... ولكن بعد مرور فترة طويلة من الزمن عاد للمملكة رجل قد غاب عنها منذ زمن بعيد، وانفه مكانه.. دخل المملكة ودار في أسوقها... فإذا بالناس تنتبه أليه.. وترمقه بنظرات من الاستغراب ... وبدء الهمز واللمز والتهامس ... لا بل بدأوا يضحكون عليه ويسخرون منه ومن أنفه.... واطلقوا عليه لقب... "أبو منخار"!!

العبرة

قبل حين من الدهر كان الناس كلهم يطلقون اللحى ...لحىً طويلة مرخاة، وكان الناس يلبسون الثياب الطويلة (الدشاديش بلغة عصرنا اليوم) وكانوا يغطون رؤسهم اما بعمامة واما بقلنسوة (طاقية بلغة عصرنا اليوم)... وكانت النساء يلبسن الجلباب ويغطين وجوههن... ومن خرج على الناس حينها بدون لحية اطلقوا عليه لقب "أمرد" ومن خرج عليهم بسروال (يعني بنطلون بلغة عصرنا) قالوا له ستِّر على حالك، أما من خرج بدون شيء يغطي رأسه لقبوه بلقب "أمفرِّع"... ومن خرجت بدون غطاء وجه ... قالوا عنها سافرة!!!

مر الزمان ودار دورته وترك الناس اللحى الطويلة المرخاة وتركوا لباس الدشاديش ولبسوا الافرنجي وتركوا غطاء الرأس وتركت النساء الجلباب وغطاء الوجه.... وعندما عاد شباب الى اللحى والى الدشاديش والى العمامة او الطاقية وعندما عادت النساء الى الجلباب وغطاء الوجه... بدء الهمز واللمز عليهم والسخرية... واصبحو ابو لحية وابو طاقية وابو .... وابو.... واصبحوا "بدهم يجبوا الدين على مالطة" و"ماسكين الدين من ذنبته" والكثير من الالقاب...

"بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء"