كما الحج لا يصح بدون وقفة عرفة فـ (الحج عرفة) فالدين لن يصح بدون أن يكون عند المسلم النصيحة يسديها لإخوانه، فـ (الدين النصيحة) كما (الحج عرفة).
وإذا قرنَّا هذه المعلومة مع الآية الكريمة ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
والنجوى هي السر بين الاثنين، فلا خير في النجوى عموماً إلا إذا كانت في حالات محددة حددها الله تعالى:
أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس وما عدا هذا وذاك فهو من الشيطان، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ)، وقد سبقتها الآية الكريمة التي تعزز هذا المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
الشاهد.... أن حال المسلم، إذا رأى أمراً خطأً، أو أصابه سوء من أخيه المسلم بأن يسدي النصيحة لأخيه المسلم. وهو، كما ذكرنا، ركنٌ مهمٌ لصحة دين المسلم كما وقفة عرفة ركن مهم أساسي لصحة الحج. ولكن إن حصل وقد توانى وقصّر في إسداء النصيحة فعلى الأقل أن لا يتناجى (أي يُسِّر القول) مع غير المعني بالنصيحة.
ولا أخفيكم سراً أن الواقع يشهد تواني أهل الدين ،وهم ملح البلد، عن إسداء النصيحة لبعضهم البعض، واستبداله بجلسات طويلة من القيل والقال، مستبدلين بهذا، الهدي الرباني بالنصيحة وضرورة المواجهة.
إذا لم يعجبك موقف ما واجه به أخاك أو على الأقل أصمت، لا تُدخل نفسك في دائرة المغيبة والنميمة، فما من نجوى لا يكون من وراءها فائدة: أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس فهي من الشيطان.
كلامي موجّه ابتداء لنفسي، ومن ثم لأهل الدين، ملح البلد، فمن يصلح البلد اذا الملح فسد؟!
ملاحظة: أرجو أن تتواصلوا معي عبر التعقيبات لأعلم هل فكرتي وعبرتي وصلت أم لا.