08‏/01‏/2010

التربية للرجولة


كتب ابو محمد معقباً على مقالة "التربية للامومة (2) : مفاقس الاطفال" قائلاً:

"حقيقة لا أرى تصوارا معينا كيف يربى الاطفال الذكور على الجولة والاناث على الانوثة ..
قي البيت أو في الحضانة يخرج الطفل الذكر مخنثا وفي البيت أو في الحضانة تخر البنت مسترجلة ...
القضية أكبر من حضانة اطفال !!
تعطي الام ابنها هاتفا خلويا من جيل 5 سنوات فان دخل أو خرج أو سرح شعره -- اتصل بأمه -- فصار متعلقا بها تعلقا يخرجه عن مفهوم الرجولة التي من المفروض أن يتربى عليها !
ثم يكبر هذا الطفل ليصبح ليصبح ذكرا بالغا - لا أقول رجلا , فرق كبير بين الذكورة والرجولة - ليتزوج وهو لا يعرف بالرجولة والقوامة شيئا لأنه أصلا لم يتربى عليها. وقد تستلمه امرأة مسترجلة - على الغالب في زماننا - وهذا طابع "المتعلمات" غير الملتزمات التزاما حقيقيا , حينئذ على الدنيا السلام.
متى تفهم النساء ان قمة انوثتها في ضعفها الذي هو طبيعة خلق الله لها.
متى يفهم الرجال ان القوة طبيعة الرجال التي فطر الله الذكور علبها.
مفهوم الضعف والقوة شامل لكل النواحي.

نعطف على ابنائنا عاطفة كاذبة.
نخاف ان يقع في كل ثانية نحتضنهم في كل دقيقة ...
الم يكن عند العرب القدامى قلوب حين أرسلو ا أولادهم منذ الصغر الى القبائل ليعودوا اليهم بعد بضعة سنوات !؟
نريد رجالا ونربي الذكور على الانوثة ونريد نساء ونربي الاناث على الاسترجال.

حسبنا الله ونعم الوكيل.
يا لتعب من رزقه الله فهما في هذا الزمن الغريب."

:::

الحقيقة أن أبا محمد بكلماته جعلني أقف، لأنظر من جديد بأن البحث لا بد أن يكون متوازنا، فكما أنَّا نكتب عن التربية للأمومة فلا بد لنا أن نكتب عن التربية للرجولة أي كيف نربي أبناءنا ليكونوا رجالاً أي ذوي همة عالية فالرجولة هي من علو الهمة. فبحثنا هنا يجب أن يكون تربية للأمومة تقابلها تربية للرجولة في آن واحد، وأنا أدعوكم للتفاعل مع هذه المواضيع بمشاركاتكم وتساؤلاتكم وافكاركم، فنحن إما آباء أو أمهات في الحاضر أو في المستقبل، فالموضوع يجب ان يهمنا جميعاً...

يتبع...

06‏/01‏/2010

التربية للأمومة (5): كيف تختار أم أبناءك؟

كيف تختار أم أبناءك؟

ينهي الشاب عندنا، تعليمه الثانوي/ الجامعي، وأول مشروع ضخم يقوم عليه في حياته، هو أو أهله: تعمير بيت الزوجية. تُبذل في ذلك الأموال وتُحرق لاجله الساعات الطِوال في الكدح، لإتمام هذا المشروع "الجبار"، والعائلة كلها،وذلك في أفضل الأحوال طبعاً، مجنَّدة كلها لإتمام تجهيز هذا البيت ، ولا أظن أن بيتاً متواضعاً اليوم يكلف أقل من نصف مليون شيكل (حوالي 130 ألف دولار)، وإذا علمنا أن معدّل ألأجور المتوسط 6000 شيكل (حوالي 1600 دولار) ،فلتحسبوها أنتم، وبحساب رياضي بسيط: اذا انفق العامل كل أجره الشهري في مشروع بناء البيت، فعليه أن يعمل حوالي ثماني سنوات لإتمام مشروعه!!

ولتقليص عدد السنوات هذه، يلجأ الشاب إلى العمل بورديات عمل على مدار الساعة متحمِّلا ظروف عمل قاهرة لا تُطاق، كل هذا من أجل إتمام المشروع "الجبار" . ولا بد من الدخول في ديون فلكية، وتذكروا أن حديثي هذا عن بيت متواضع، فكيف بمن رأى أن لا زواج بدون حجر "قسم" جمّاعين يلف به كل بيته؟ وان لا مجال للتنازل عن بركة السباحة! وكيف له أن يتزوج بدار مساحتها أقل من 300 متر؟ ولو؟ وكيف يمكن الدخول بمشروع الزواج بدون حديقة غنّاءة مع أشجار النخيل ولا تنسوا الحجارة والتي بدورها تعطي للحديقة شكلا مميزاً يشبه تلك الحديقة للخواجة من قيساريا؟ ..."ولقد تعبت كثيراً طوال السنين من فتح الشبابيك يدوياً فلا بد من فتحها اتوماتيكياً!"... وبالله عليك لا تنسى "الجاقوزي" ..."فلقد سئمنا الحمام القديم طوال كل السنين في بيت العزوبية"، والقائمة تطول، فلا بد للظلمة أن تنجلي، فكلنا وفجأة عند تعمير البيت، نشعر أننا أبناء آل الصبّاح ، "وما في حدا أحسن من حدا"!!

ليس حديثي هنا عن قلة العقل والحكمة في عملية بناء البيوت، ولكن ما أريد أن اصل إليه هو أن الأهم لا بل الأكثر أهمية في عملية ألإعداد للزواج، ننساه ونتغافل عنه ونضعه في أدنى سلم أولوياتنا في أحسن الاحوال، وان أُعطي أولوية ما فلا يُنظر إليه بتمعن وتفحص كما كنا يتم إختيار نوع الكراميكا أو نوع "المولتي ديكور" ففي هذا وذاك نفحص وندقق ونسأل في أكثر من مكان ونقارن الأسعار أما في أهم مسألة :إختيار العروس، فالبحث هنا مختلف تماماً، ولو كان بحثاً جاداً فعلاً كان بحثاً مغلوطاً باتجاه خاطئ.

على ما أظن أن هذا البيت-القصر الذي بُني ودُفعت له المبالغ معدٌّ في أغلب الأحوال لتسكنه زوجه واحدة، فوضعنا القائم لا يسمح أن نتزوج بأكثر من زوجة واحدة، فمن هنا نصل أن هي تلك الزيجة الواحدة، هي تلك العلبة المغلقة، علبة الأسرار، فإما السعادة والهناء وإما الشقاء والصبر على حظك التعيس، وبيتك يا مسكين الذي أفقدك إنسانيتك في إعداده، غدوت لا تدخله لأنك لا تطيق تلك الغول او "الاشكيف" المخيف إنها زوجتك التي اخترتها وفق معاييرك "المخربطة"، قد تقول لي أخطب وإن لم تعجبني، أترك في الخطبة وأبحث عن أخرى، أقول لك أنك يا أخي أنت تخاطر! فنظرتك إن لم تتغير، وقد تبدّل أكثر من مخطوبة الى أن تصل في النهاية الى قاعدة " إصبر على منحوسك لا يجيك الي أنحس منه" !!!

البيت مكلف، مكلف جداً ولا بد للعروس أن تكون على "قد المقام"، التي تستحق أن تسكن هذا البيت-القصر، كلام سليم جداً جداً، ففي النظرة "المخربطة" المرأة التي هي "قد المقام" هي :

1. تلك الفتاة الحسناء، ولا أدري إن كانت حسناء كما خلقها ربها، أم حسّنتها أنواع المساحيق و"المكياجات" والعطور؟ أو لربما حسّنتها ملابسها الضيّقة، فسوق الزيجات محموم وهناك تنافس شديد، كيف ولا ورجال اليوم ينظرون إلى المرأة على أنها تحفة جميلة في البيت إلى جانب خزانة المطبخ المصنوعة من خشب البلوط أو خشب الكرز، نعم تحفة جميلة لا أكثر ولا أقل، يريد منها أن تجلس إلى جانبه في سيارته الجديدة ،التي هي أصلا اشتراها من البنك بالديون، ليتباهى بها أمام الناس!! يا ويله من ديوث لا يغار على عرضه، فهمُّه كل همِّه أن يكون له سيارة جميلة، فتاة جميلة ومنزل جميل، و"خلص"!! لا ينظر إليها على أنها أم المستقبل، أم أبناءه، إنها عنده مثل ذاك البرواز المُكْلِف وتلك التحفة الجميلة في غرفة الضيوف، وهو نسي أن حُسن البشرة ونضارتها ستتلاشى مع السنون، والمكياج لن يستطيع أن يغطي يوما ما تجاعيد الوجه، فإن ذهب جمال المرأة بقيت هي على أخلاقها الذميمة، تلك المرأة الأنانية، التي تنكِّد لزوجها عيشته بطلباتها، تلك المرأة العنيدة التي تعانده في كل شيء، تلك المرأة التي قطّعت أواصر علاقته مع إخوانه، الذين ربى معهم سنوات عمره فإذا به يقاطعهم جميعاً لأن زوجته "الدلوعة" تعودت عند أبيها أن تتملك كل شيء وألان كيف لها أن لا تتملك زوجها لنفسها وفقط لنفسها، ولا حق لأحد فيه غيرها وإن كان هؤلاء: أمه أو أبيه أو أخته أو أخيه أو صديقه الحميم!!

2. تلك المرأة المتعلمة العاملة التي تساعد زوجها، ولا يهم أكثر من ذلك، المهم أن يكون أجرها الشهري قد دخل الحساب في البنك، ولا يهم ماذا يحصل مع الأولاد ولا يهم بأي مظهر ستخرج على الناس ولا يهم ظروف عملها وحالة الاستعباد والاسترقاق التي تحياها في العمل عند مدير عملها، لا يهم أن تتزين للناس، لا يهم أن تعود إلى البيت منهكة تعبة خائرة القوى، كل هذا لا يهم، المهم عند الشاب الباحث عن زوجة وفق مصطلحات لطالما كنت اسمعها،على وجه الخصوص، من معاشر الموظفين: " أريد حمموت وبلقِّط". هذا "الحمموت" – الدفيئة، ينتج بدون كثير من التعب و"بلقِّط"، أي أنها صيد ثمين فهي موظفة مثبّته في عملها لها دخل شهري، ويا سلام على "هالتجارة" ما أحلاها!!

طبعاً هذه تجارة باخسة، لأن الشاب لم يبحث عن عروس إنما بحث عن جيب العروس، بحث عن قشرة العروس الخارجية ولم يهمه لبها ولا لبابها (عقلها)، هو أصلا لم يعي أهم ما في الزواج، فالزواج ليس بصفقة تجارية، وليس بمتعة جنسية فقط، وليس بضرورة اجتماعية، إنما الزواج راحة وسكينة وطمأنينة، والاهم من هذا وذاك إنشاء جيل جديد أفضل من الجيل السابق، فالمهم هو اختيار تلك الزوجة الملائمة لتربية الأبناء، فانتم تتفقون معي أن الابن العاق، الفاشل، سيء الأخلاق، يأتي بالخزي والعار لوالديه، فمن منا يبحث عن الخزي ويأتي به بيديه ويجري اليه بقدميه، فاعلم أن أول خطوات هذا الخزي والعار هي اختيارك الخاطئ، أيها الشاب، لزوجتك، أم أبناءك في المستقبل!!

أعود إلى ما قلته آنفاً، البيت مكلف، مكلف جداً ولا بد للعروس أن تكون على "قد المقام"، التي تستحق أن تسكن هذا البيت-القصر، ليست ذات الجمال، ليست ذات الوظيفة أنها ذات الدين والخلق الرفيع، قال صلى الله عليه وسلم : "تُنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"، ذات الدين هي التي باستطاعتها أن تربي لك أبناءك في المستقبل ليجلبوا لك العز والفخار في الدنيا والآخرة، يقول صلى الله عليه وسلم : " إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب يقول : هل تعرفني ؟ فيقول له : ما أعرفك ، فيقول : أنا صاحبك القرآن ، الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل [ تجارة ] ، قال : فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلتين ، لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بم كسينا هذا ؟ فيقال : يأخذ ولدكما القرآن ، ثم يقال : اقرأ واصعد في [ درج ] الجنة وغرفها ، فهو في صعود ما دام ( يقرأ ) هذا كان أو ترتيلا ". فهل تريد يا اخي تكسى في الاخرة حلتين؟ هذه لعمري تجارة رابحة!!

30‏/12‏/2009

التربية للأمومة (4): تربية للجلباب

تربية للجلباب

أحكام الإسلام جاءت للتنفيذ وللتطبيق وليست للاستشعار العاطفي فقط، وكم من الآباء أو الأمهات أو الفتيات مروا على هذه الآية (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..).. وهم يعلمون أنها من القرآن الكريم وأنها من عند الله، واجبة التنفيذ، وهم أناس ملتزمون، أو على الأقل يظنون أنفسهم كذلك، ولكنهم وقفوا عندها متلكئين عن التنفيذ، يشعرون بالعجز عن تنفيذها.

كم من أب أو أم كبرت بنتهم وأصبحت صبية، وهم لا يزالون محتارين، هل نلزمهما على الجلباب أم ننتظرها حتى تقتنع؟ والأم تقول أن لا أجوبة عندي لابنتي التي تريد منا أن "نحل عنها" فكما انكِ أيتها الأم لبست الجلباب متأخرةً أن دعيني وشأني، حتى أقتنع! وألبسه عن قناعة....

وكم من أب وأم ألزموا بناتهم على لبس الجلباب ولكنهن لا يضيعن أي فرصة للتخلص منه أو جزء منه: في رحلةٍ مدرسية، في عرس أو أي مناسبة عائلية، فلا تتورّع الفتاة في تحويل الجلباب إلى شيء يشبهه: مزركش، مفتوح، ليبين البنطلون، وأما الرأس فمغطى بشال رقيق شفاف ليبين الشعر أو الأذنين أو كلاهما معاً، والأب والأم محتارون ماذا نفعل، ويعزُّون أنفسهم "هيك ولاّ بلاش"!!

إن ظاهرة "الشال مع البنطلون"، يجب أن تستوقفنا، فكم من فتاة تلبس هذا المسخ، وتظن نفسها أنها على هدى، وتعد نفسها من "المتدينات"، هذه الظاهرة ليست قديمة، فما اذكره أن الفتاة إما أن كانت تلبس الجلباب أو لا، أما شريحة المحافظين فألبست بناتهم "ربطة" وهي منديل صغير على الرأس، أما اليوم فمسخ أصاب الأمة، رأيته في كثير من المدن العربية في البلاد وخارجه...

يا أخوتي، تعالوا نعترف، لقد ضُربنا نحن الآباء والأمهات في مقتل بعمليتنا التربوية للجلباب، وطبعاً حديثي هذا لمن كان الأمر يهمه، شريحة الملتزمين. وعندما أقول "العملية التربوية للجلباب" اعي معنى الكلمة وأبعادها، نعم، يجب أن ننظر إلى الجلباب على انه عملية، مشروع، وليس بالأمر الهيِّن. ودعونا، رجاءً، من العواطف والمشاعر والأحاسيس، "أنا بركن على بنتي"، "أنا ربيت بنتي مليح"، "بنتي خجولة وأديبة"، هذا كله هراء، سذاجة، وهبل، فمن قال لكَ أيها الأب ولكِ أيتها الأم إنكما لستما الوحيدان في الميدان؟؟ ميدان التربية!!

ابنتكم هذه مسكينة غير محصّنة، لوحدها، لتواجه تيار جارف أسمه التلفزيون بمسلسلاته العربية والأجنبية والمدبلجة، تسونامي خطير أسمه النت بتشاته، وماسنجره، ومواقعه وخدماته المختلفه، إن ابنتك تتأثر، من حيث لا تدري، بقيم وثقافات دخيلة عالمية، قوامها التحرر والانفلات وثقافة "الخوش بوش"، حيث ضربت قيم مثل العيب والممنوع، ضربوا الحياء، بطريقة منظمة ومدروسة، يجب أن تعي أخي وأختي المربيين ذلك، أنت لن تستطيع أن تلزم ابنتك التي تربيت على يد هؤلاء إن لم تكن لكم أيضا خطة مبرمجة لابنتكم، لا أريد لك أن تكون "الحاج الذي يصلي بالصف الأول وابنته متبرجة"، وتقول "مغلوب على أمري" عليك أن تدرك نفسك!

إن للتربية للجلباب خطوات عملية:

1. التزام الأم بالجلباب، ابتداءً، فحجر الزاوية في العملية التربوية هي التربية بالقدوة.

2. يجب ان تُربى البنت على الحياء وهي الخطوة الاولى للجلباب، يجب ان تُنشَّأ البنت على الانتباه لتصرفاتها فيما يليق وما لا يليق.

3. تقوية وازع العقيدة الراسخة، والامتثال والطاعة لله ولرسوله.

4. ربط البنت بنماذج عملاقة من الصحابيات وعلى رأسهن أمهات المؤمنين كقدوة.

5. على الأب والأم الاهتمام بوجود جلسة يومية تعليمية تربوية لكل العائلة، صغيرها وكبيرها، تقرأون فيها من كتاب، وانصح أن يكون في هذه الجلسة ما يجذب الأبناء الصغار منهم من مأكول ومشروب.

6. ضع أمامك أن الانتقال إلى الجلباب مرة واحدة خطوة عسيرة وصعب الاستساغة عند البنت، لهذا انصح أن تكون في البداية تغطية الرأس والتدريج للجلباب بحيث يكون الحد الفاصل الانتقال من الابتدائية إلى الإعدادية، بداية الصف السابع، لأن ذلك يسهِّل على النفس استساغة التغيير لان البنت ستطور روابط جديدة غير تلك المألوفة من فترة الابتدائية.

7. انصح أن تلبس البنت الجلباب مرة واحدة، في المرحلة الانتقالية، وان لم يكن بالمستطاع فلبس القطعتين : قميص وتنوره الساترتين المحتشمتين كخطوة بين الشال والبنطلون الذي كانت عليه في الابتدائية والجلباب، الذي يوجبه بلوغها.

8. أرجوكم لا تظلوا تنظروا إلى ابنتكم على أنها البنت الصغيرة الدلوعة حتى ولو كانت في الثانوية ومنهم من لا زالت ابنته صغيرة وان كانت بعد الثانوية، ، هي صغيرة بأعينكم وهي بذلك تنظر إلى نفسها أنها صغيرة فتتصرف وتلبس على أنها صغيرة، ابنتكم تكبر، الكل حولها ينظر إليها أنها كبيرة والذئاب البشرية كذلك، فاحذروا!

9. انتبهوا إلى ماذا تشاهد البنت من مسلسلات وحلقات، فهي عرضة أن يتعلق قلبها بعادات الكفار وأفكارهم ومشاهيرهم فاحذروا.

10. احذروا، من فرط حبكم لابنتكم، أن يكون حاسوبها وتلفزيونها في غرفتها لوحدها، فهي اضعف بكثير مما تتخيلون وكم فتاة بريئة وقعت فريسة لذئب بشري في لحظة ضعف.

11. احذروا من قوادح الحياء ، فلكم أعجب لآباء ملتزمون، بناتهم بالمرحلة الابتدائية، في صف الخامس والسادس، وهن على أبواب البلوغ ولا زلوا يذهبون بهن إلى المسابح مثلا، ويتعلمن السباحة!! البنت يجب أن تتعلم أن لا تخلع ثيابها خارج بيتها، انتم بطيبة قلوبكم تدمروا فتياتكم، أنكم تدمرون أهم شيء فيهن: الحياء!! وأظن انه يجب الانتباه إلى ما تلبسه البنات اللواتي بلغن الصف الرابع والخامس ، فادعوا أن يكون لبسهن أكثر حشمة مبتعدين عن لبس البنطلونات القصيرة والفالينات ذوات الكم الخيطي مثلاً. قد تقولون هي أمور بسيطة وتافهة والبنت صغيرة، أقول لكم هذا يندرج من ضمن المشروع والخطة للجلباب.

أخوتي أخواتي، هذا رأيي وهذا اجتهادي، لكم أن تقبلوا ولكم أن تردوا، لكم أن تقبلوا ما شئتم منه وان تردوا ما شئتم منه، المهم أن لا تأخذوا مسألة لبس الفتاة للجلباب على أنها مسألة بسيطة وسطحية.

هذا اجتهاد مني، إن أصبت فهو توفيق من الله، وإن أخطأت فهو من نفسي، ومعذرة إن غفلت عن ذهني نقاط أخرى أرجو منكم إثراءنا بها من خلال تعقيباتكم الكريمة.

يتبع

26‏/12‏/2009

موعظة



::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

24‏/12‏/2009

التربية للأمومة (3) : التعليم سلاح المرأة

التعليم سلاح المرأة

في مجتمع ظالم أهله، المرأة فيه ممتهنة لا قيمة لها ولا وزن، لا يحق لها ان تحمل نقوداً، عوضاً عن أن تتملك شيئاً، إن مات عنها ولي أمرها، قد تموت من الجوع، فلا أحد ينظر إليها، ضعيفة مهمّشة، تنتظر من العيد إلى العيد حتى العيد ليأتي محارمها لتقبض منهم "العيدية" لأن هذا هو المبلغ الوحيد الذي بإمكانها أن تتملكه خلال العام.. فهي غرضٌ من الأغراض.

المرأة مهمتها في هذا المجتمع أن تكون خادمة للرجل: الأب، الأخ، الزوج والابن، هم السادة، يتجبرون يأمرون وينهون وهي التي تحضِّر لهم الطعام وتأتي به حتى أقدامهم، تأتي بالماء تحمله على رأسها وقد قطعت به مسافات طويلة وقد ملأت الجرة الثقيلة من بئر بورين أو بئر باقة، ومنهن من تخرج للعمل في الحقول ومنذ نعومة أظافرها، والأب ينتظر الغلة ليأخذها منها ظلماً وعدوانا، و"يخلف عليه" أن سمح لها أن تتعلم حتى الصف الرابع لـ"تفك الخط"، المرأة التي كفل لها الشرع حقوقها ورعاها، عاشت مقهورة كيف لا وهي تعيش في كنف من أحكموا العادات والتقاليد حتى أصبح سلطانها أقوى من سلطان الكتاب والسنة، فلا ميراث يوزّع بالقسط، ولا عدل بين الأبناء والبنات، عدا عن أنها خسارة مادية لأبيها الذي بتفكيره هو يغذيها ويسمنها حتى تعطى زوجة إلى احدهم يوما ما.

على هذا عاش مجتمعنا قرون طويلة من الزمن، وقد نُحِّيَ شرع الله جانباً وطُبق شرع "عبد الله"، قوانين العيب فاقت قوانين الشرع الحنيف، مع تغليف قوانين العيب بشيء من المسحة الدينية، المرأة فيه ضعيفة لا وزن لها، حتى هبّت ريح سموم من الغرب، أن قم بنا نحرر المرأة من قيودها فإذا بالبناء الاجتماعي الذي بُني على قواعد هشّة قوامها العادات والتقاليد تنهار في وجه هذه الريح، فلا جد جدي قد تخيّل أن سيأتي اليوم تزاحم المرأة الرجل في ميادين العمل المختلفة؟ ولا أظنه تصوّر أن سيأتي اليوم الذي تسافر المرأة لوحدها خارج البلد وتبيت خارج البلد لا بل خارج البلاد، ولا أظنه تخيّل أن تصبح المرأة العاملة الموظفة المتعلمة هي المرأة ذات المستوى الاجتماعي الراقي وأصبح من العيب لا منقصة أن تجلس المرأة في بيتها، لقد انقلبت الموازين والمعايير فما كان منكراً يوماً ما أصبح اليوم معروفاً وعرفاً وعادةً!!

لقد هوجم المجتمع المسلم في وضع لم يكن مستعد للمقاومة، بمفاهيم دخيلة غريبة عليه، مفاهيم أُريد منها أهداف خفية غير الأهداف المعلنة من تحرير المرأة من الظلم الاجتماعي الذي كانت تحياه، ودعونا نعترف أنها كانت تحيى ظلماً اجتماعياً ولا شك، وقد عرضنا نبذة منه، ولكن الأعداء عندما جاءوا بأفكارهم وقد عرضوا الظلم الذي حل بالمرأة على أنه بسبب الدين الإسلامي، مع أن الدين كنظام يضبط حياة الناس منحّى جانباً منذ مئات السنين عن حياتهم ولا احد يأبه به، وأصبحت تضبط المجتمع المسلم موازين أخرى مبنية على العادات والتقاليد لا علاقة لها للشرع لا من قريب ولا من بعيد! فلو كان المجتمع المسلم محصّن بعقيدة راسخة وإيمان سليم ما هزته دعوات تحرير المرأة، لأنهم ما أرادوا من هذه الدعوات غير ضرب المجتمع المسلم بركنه الأساسي وهو المرأة، أخرجوا المرأة من بيتها لتنشغل بالتعليم والعمل عن مهمتها الأولى وهي التربية، يسعون بشكل مبرمج لكي تخلع المرأة المسلمة ثوب الحياء والحشمة الذي توارثته جيل عن جيل، "فلِمَ نساؤهم متسترات ونساؤنا عاريات ؟" هذا من غيظهم وحقدهم علينا، فلكم تغيظهم حشمة نساءنا؟ وما منع الحجاب بفرنسا عنا ببعيد!

لقد كان تعليم المرأة حتى الصف الرابع تفضُّلاً ومِنة، وهذا طبعاً خطأ ومرفوض، أما اليوم فمن يجرئ أن يُقعد أبنته في البيت من غير تعليم، مع ما في المدارس من مظاهر انحلال خلقي رهيبة؟ أصبحنا نربي بناتنا على مفهوم "التعليم سلاح المرأة" وأصبح هذا المفهوم من القوانين التي لها سلطان أقوى من الشرع، فأصلا الشرع منحّى جانباً ولا يلتفت إليه احد، فالمرأة عندما تنظر إلى الوراء تجد القهر والحرمان فكيف لها ان لا تتمسك بهذا القانون "التعليم سلاح المرأة"، فتربي الام ابنتها أن واجب عليك ان تتعلمي وتنهي تعليمك الثانوي والجامعي، ولا يهم إن تناقض هذا مع مفاهيم مؤصَّلة من الشريعة:

اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فالبنت لا تفكر بالزواج مطلقاً لان لها اهداف أخرى غير الزواج على أجندتها تريد ان تتعلم حتى "الرمق الاخير"، فلا تتوقف لا عند اللقب الاول ولا الثاني.

تسافر لوحدها وتبيت لوحدها خارج البلدة أيضاً وبلا محرم، فالغاية تبرر الوسيلة وفق قوانينها وعُرفها، فالتعليم سلاح المرأة.

اختلاط النساء بالرجال وهو مرفوض شرعاً.

المهم هو ان تأخذ الشهادة لتتوظف. إن نافست المرأة الرجال، اختلطت بالرجال، فلا يهم،إن وضعت الشرع وقوانين السماء جانباً، فلا يهم، المهم أن تحقق ذاتها، أبناؤها تركتهم في مفاقس الأطفال، لا يهم، بلا حنان ولا رعاية، لا يهم... المهم أن تحقق المرأة ذاتها وتُثبت انها قادرة... ومعها الان المجتمع كله من وراءها يؤيدها ويآزرها ويقدم لها الدعم المطلوب، حتى أن أسهم المرأة المتعلمة الموظفة أصبحت غالية في "بورصة النساء"، فمن كانت ابنته متعلمة وموظفة ومثبّتة في عملها أصبح ثمنها غالٍ جداً لا يُقبل لها بأي عريس، وأصبحت المرأة التي نذرت نفسها لزوجها وأبناءها في قاع السلم الاجتماعي، مع أن الشرع وضع للمرأة مهمة واحدة أساسية : رعاية شؤون بيتها زوجها وأبناءها وما يأتي بعد ذلك لا يكون على حساب هذه المهمة، ولكن من ينظر اليوم إلى قوانين الشرع؟... بالله عليك!!

البنت الصغيرة تنشئ وينادى عليها "بالدكتورة"، جاءت الدكتورة وراحت الدكتورة، تنشأ وتُنشّأ على أنها دكتورة، وما ان تصل إلى الثانوية فمن البديهي أن تكون الكلية أو الجامعة استمرارية طبيعية لها، ومَن هذا الذي يجرؤ أن يقول خلاف ذلك، وهل أكون ناقصة؟ وشهادتي الثانوية التي تعبت لأجلها "إتروح مني عَ الفاضي"؟ وستقول نفس الجملة "إتروح مني شهادتي الجامعية عَ الفاضي؟" ...أما الشرع فلا أحد يسأل به ولا عنه!!

أنا ادع ، وبوضوح، الى ان نعود الى الوراء !! ولكن أي وراءٍ هذا؟ ليس الذي هو قبل خمسون ومائة سنة، الامة الاسلامية تعيش في حالة من التيه والضياع والبعد عن تعاليم الشره منذ قرون نحن نريد ان نرجع الى الوراء بعيداً الى تعاليم جيل النصر والتمكين ... إنه جيل الصحابة!! نحن بحاجة إلى إعادة النظر في أولويات تربيتنا لبناتنا وماذا نريد منهن،ومن نرضي ربنا وشرع ربنا أم شرع العادات والتقاليد التي تتغير بتغير الزمان والمكان؟ هل نريد منهن ان يكن أمهات المستقبل من يعددن الجيل القادم جيل النصر والتمكين أم نريد منهن ان يكن موظفات المستقبل؟

يتبع

17‏/12‏/2009

التربية للأمومة (2) : "مفاقس" الأطفال

"مفاقس" الأطفال

تقوم الدجاجة البيتية بجمع عددا من البيض لترقد عليها 21 يوم بالتمام والكمال وبعدها يخرج الصيصان الحلوين لتعتني بهم، تعلمهم الأكل والشرب وتدربهم على مهارات الحياة المختلفة، تعلمهم من العدو ومن الصديق، وآخر النهار ترقد الصيصان تحت كنف الأم لتضفي عليهم من حنانها...
وجاء الإنسان فراقب الدجاجة وتعرف على آلية رقودها على البيض فعرف أنها ترقد فترة محددة هي 21 يوم لا أكثر ولا اقل، وعرف أنها توفر للبيض درجة حرارة محددة، ومستوى رطوبة ثابت، والدجاجة تقوم بتقليب البيض بشكل دوري، فكّر الإنسان الحديث بعقله المادي المبني على المنفعة والمصلحة فأتى ليقلد عملية رقود الدجاجة على البيض حتى فقسها. فبنى جهاز يوفر للبيض دراجة حرارة مناسبة ومستوى رطوبة معين ولا يكفي بل لا بد من تقليب البيض لأن الدجاجة الحقيقية تقوم بذلك، هذا الجهاز هو مفقسة البيض.
عقل الإنسان المادي أرشده أن الدجاجة الواحدة في أكثر الأحوال تستطيع ان ترقد على 21 بيضة، فقال لماذا لا نضاعف عدد الصيصان (دجاج المستقبل)؟ فلحم الدجاج لذيذ، ورخيص مقابل لحوم البقر والغنم ومطلوب فبدل ان ننتج بشكل طبيعي عشرات الصيصان لماذا لا ننتج مئات لا بل آلاف الدجاج بشكل ممكنن؟ وهذا ما حدث يؤخذ البيض من الدجاجة ويُحفظ في مفاقس ليتم إنتاج الصيصان بآلاف، ويتم تربية الصيصان بلا أب ولا أم إنما في مزارع دجاج تُطعَم وتُسقَى وتُسمَّن بلا مهارات حياتية فلا هدف لها من حياتها غير أن تكون في نهاية المطاف لتلبية جشع الإنسان المادي وطمعه.
هذا الإنسان المادي المنغمس في ماديته، هو يعمل على مدار الساعة، زوجته موظفة، معلمة، طالبة جامعية، الخ... لا وقت لديهم لصيصانهم الذين أنجبوهم لأنهم جزء من المتعة المترتبة من الزواج ليصبحوا العرقولة أمام تقدمهم في العمل والتعليم والحياة، فكان لا بد لهذا الإنسان من ابتكار اختراع ينسجم مع حياته إنها "مفاقس الأطفال"، وباسمها الدارج حضانات الأطفال!!!
تقوم الأم بعد انتهاء مدة إجازة ولادتها، وهي ثلاثة أشهر، بإرسال الصوص الطفل إلى المفقسة الحضانة تبتسم له ابتسامة صفراء وهي أصلا لا تفكر به إنما تفكر كيف إنها تأخرت عن عملها وماذا سيقول لها مديرها؟ في المفقسة الحضانة يوجد كل شيء ينفع الصوص الطفل حتى يكبر: درجة حرارة ملائمة، أكل، شرب، شيء من الألعاب فالطفل لا بد أن يلعب، يسمن الطفل ويكبر لينتقل إلى مزرعة الدجاج، انه ألان في المدرسة والأم منشغلة لا وقت لديها لتجالسه وتضفي عليه من حنانها وتسمع مشاكله وآهاته ، ما يهمها هي وزوجها أن تكون شهادته الفصلية مشرّفه لان شهادته هي جزء من إشباع شهواتهم، شهوة التفاخر أمام الأقران في العمل، بالإضافة إلى "المتخلفين" من أمثالي الذين يطالبون بعودة المرأة إلى بيتها من جديد، أن انظروا إلى ابني المتفوق، وكيف ان لا تعارض بين عملنا وتفوق الأبناء وشهادة الولد أكبر دليل، فتراهم يغمرون الصوص الكبير بالدروس الخصوصية والدورات التعليمية في مرحلة مزارع الدجاج من حياة الصوص الطفل، يتعلم الصوص الكبير اللغة الانجليزية والموسيقى وغيرها، فهو يعزف على الكمان والبيانو ليقوم هذا المسكين بإشباع شهوة الأب والأم بالتفاخر أمام القرايب والحبايب، اسمعنا يا صوصنا الحبيب الأغنية بالانجليزية، واعزف لنا يا صوصنا الحبيب، فمسكين هذا الصوص قد تحوِّل وللأسف إلى مهرِّج يفرح قلب أباه وأمه والذين قد نفشا ريشهما زهوّا وفخراً... ونسيا أهم شيء ان صوصهما اللطيف "النغنوش" هو "إنسان" !!
هذا الطفل الذي ولد ليس مجرد شيء، انه كيان له مشاعر وأحاسيس، انه عالم كامل متكامل، يريد منك أيتها الأم الحب الحقيقي لا الابتسامة الصفراء، يريد منك أيها الأب أن تكون أباً وليس بنكاً، يريد منكم أن تجالسوه وتكلموه ، يريد حنانكم، فمعلمة الروضة هي في النهاية ليست أمه ولو حاولت جاهدة أن تعطي من حنانها فإنها ستقسّمه على عشرة أو عشرين أو أكثر من الصيصان الأطفال!! هذا الطفل عندما يكبر تكبر معه همومه ومشاكله وأشجانه وتجاربه يريد منكم أن تعلموه المهارات الحياتية، لا أظن أن معلم الرياضيات أو الانجليزي الخصوصي سيعطي ابنكم هذا الذي ينقصه الحنان، الأذن الصاغية، الأمان والاهتمام.
يكبر الصوص الطفل، ليصبح شاباً يافعاً في جيل المراهقة، وقلبه فارغ من الحنان والرحمة، فكيف له منهما وهو لم يكتسبهما من أحد، فكم الآباء والأمهات الاصطناعيين كانوا له، غير أبويه البيولوجيين، ينشئ متشتت الفكر ضائع حائر، لا يثق بأحد غير أصحابه الصيصان المساكين مثله، ثم يبدأ الوالدين وهما لا زالا بطريقة تفكيرهما المادية، يقوما بمحاولة تعويض مادي عن الحنان والمشاعر المفقودة الجامدة تجاه الأبناء، من خلال مشتريات استغرب منها لشباب بجيل الثانوية: ملابس باهظة الثمن، هواتف خلوية من آخر صيحة، تركتورونات والقائمة تطول، وصدقوني بأن لا شيء يرضي هؤلاء المساكين...
أخوتي أخواتي، نحن بحاجة إلى إعادة جدولة للأهداف التي تقوم عليها البيوت والأسر، نريد إعادة صياغة للأهداف والأولويات من حياتنا وأبناءنا.. فالواقع الحالي والأتي لا ينذر بخير... وأساس عملية التغيير يبدأ من الأسرة.
يتبع..

16‏/12‏/2009

التربية للأمومة (1): الحاجة لإعادة صياغة الأهداف

الحاجة لإعادة صياغة الأهداف

في كليات التربية يُعلمون مساق تحت مسمى: "التربية للقيم"، واليوم يتحدثون عن دورات إعداد القادة، فكرت أن أكلمكم اليوم عن موضوع غاية في الأهمية وهو دورنا كآباء وأمهات في إعداد أمهات لجيل المستقبل، ألم يقل الشاعر يوماً ما:

الأم مدرسة إذا أعددتها**** أعددت شعبا طيب الأعراق

الأم حجر الزاوية في مشروع إعداد جيل المستقبل، أنا أتساءل هل نحن، وأنا أولكم، هل نربي بناتنا ليكنَّ أمهات... بكل ما لهذه الكلمة من معاني؟ هل أمهات اليوم هنَّ مؤهلات فعلاً ليكنَّ مدارس يعددن شعباً طيب الأعراق؟

ان من البديهي اليوم لكي تُعطى رخصة سياقة، لا بد لك من تعليم سياقة مكثف ومرهق مع معلم سياقة يلازمك ، ولتكون طبيباً تعالج الناس لا بد من مشوار طويل من التعليم، وكذلك كل الحرف والمهن، أتساءل.. هلا ينبغي للشباب وللفتيات المقبلون على الزواج من إعداد لأهم مشروع ألا وهو تربية الأولاد، هل هم جاهزون فعلاً لهذه المهمة العظيمة؟ هل هي من صُلب اهتماماتهم فعلاً؟ وأنا اليوم أتيت لأخصص البحث في مجال تربية الأولاد بإعداد الأمهات وأسميت الموضوع :"التربية للأمومة"..

أقف متسائلا، لا بل محتاراً، هل نساء هذا الزمان يجعلن الامومة والتي أعرِّفُها بمهمة اعداد جيل المستقبل نحو الأفضل في أولى أفضلياتهن؟ لا تتعجلن ايتها الامهات بالاجابة فأنا لا اقصد بالامومة عملية تسمين الابناء بالطعام الطيب المذاق ولا بتلبيسهم افضل الملابس لم اقصد هذا ولا ذاك انما العملية التربوية الخاصة بغرس القيم والمعاني للحياة والاهداف السامية .... فأنا أعلم انكن لا تبخلن على أبناءكن بالذ وأشهى الاطعمة وتلبسنهم أجمل وأفخر انواع الملابس ولكن اهتمامكن باعداد هذا الولد ليكون قائداً في المستقبل، هل انتن مثل هند عندما قالت في حق ابنها معاوية عندما قيل لها ان ابنك هذا سيسود قومه قالت ثكلته امة ان ساد الا قومه، أي انها تعده ليسود العالم... هل عندك من ابنك طموحات ليكون عالماً مثلاً... هل عندك خطوات ودراسة عملية لذلك، اخرجي من المشاعر والاحاسيس وفكري بخطواتك العملية التي تقومين بها؟!

وانت ايها الاب هل اخترت زوجتك أم ابناءك لان عندك طموح ليكون لك ابناء من نوعيات خاصة مع تطلعات عالية، أم كيف اخترت زوجتك ابتداءً؟ هل اخترتها لانها موظفة مثلاً لتنفخ دخلك الشهري؟ أم اخترتها أو أُختيرت لك لانها من قرابتك وكما يقول المثل "ما ينزل بنت العم عن الفرس الا ابن العم"؟ أم انك سُحرت بجمالها وأخشى ان تعارفك عليها كان عبر ماسنجر او تشات؟

ايها الزوج والزوجة... لا يهمني الماضي ... دعونا الان وانتم تنظرون الى هذه المخلوقات المسكينة التي اودعها الله أمانة في اعناقكم، هل عندكم رؤية لتربيتهم غير اطعامهم وسقيتهم وتلبيسهم وايجاد المأوى لهم؟

هل تهتمون ان تجالسوا هذه المخلوقات المسكينة وتكلموهم؟ أم ان التلفزيون أخذ حيزاً كبيرا من حياتكم؟ هل تلاعبوهم؟ اتظنون ان التربية هي عبارة نزهة؟

ان المنتج الذي بين ايدينا اليوم من شباب وصبايا تائهون حائرون ضائعون بلا طموح وبلا آمال، بلا قيم ولا احترامات ولا تقديرات، كل هذا لا بد ان يجعلنا نقف لنفكر هل نحن نربي بشكل صحيح؟ هل نحن نربي اصلاً؟ هل زواجنا هو لمجرد قضاء وطرنا؟ أم هو لضرورة اجتماعية؟ وإن لم يكن لاعداد جيل جديد افضل حالاً منا فلم الزواج من اصله؟

نحن الملتزمون نريد من بناتنا ان يرتدين الجلباب عندما يبلغن، فهل نحن فعلا نقوم بعملية التربية للجلباب؟ الا نربي اليوم بناتنا ان التعليم هو سلاح المرأة فإذا ببناتنا لا يفكرن بالزواج انما تريد ان تحقق ذاتها وتريد ان تنافس و تكافح وترى ان الزواج والابناء عرقولة في طريقها؟ أليس كذلك؟ لا بد ان الاهداف منذ البداية غير واضحة المعالم!!!

لا بد من اعادة صياغة لاهدافنا :

لماذا نتزوج اصلاً؟ ولماذا ننجب ابناءً اصلاً؟ وعلى ماذا نربيهم؟

نحن بحاجة لاعادة صياغة رؤية لعملية تربية الابناء واهمها عملية اعداد امهات المستقبل.... التربية للامومة.

يتبع...

10‏/12‏/2009

"أنا لست أسداً…. أنا خروف!!"

الاسود بطبيعها وغريزتها وشكلها، حيوانات مخيفة، هكذا خُلقت، خُلقت لتحكم الغابة، فألاسد ملك الغابة، هكذا تعلمنا منذ طفولتنا، وديسني علمتنا ايضاً أن الاسد (سيمبا) هو ملك الغابة!
والخروف حيوان وديع أليف، غير مؤذي، يحب الحياة، وهو لربما يعرف أن صاحبه يسمِّنه ليذبحه يوماً ما، أو لربما ليأتي الصغار يداعبون شعر الخروف ويطعمونه وهو بدوره يبادلهم الود والالفة... مـــآء.... مــــآء....
يُحكى أن أسداً، ملك الغابة، ولدت له زوجته شبلاً، هو وريثه يوماً ما، وقد اهمل أبنه وتركه يعيش بين الخراف، كَبُر الشبل بين أصدقائه الخراف، فتطبَّع بطبائعها فاصبح يأكل الحشيش ويثغِّي مثلها ... مـــآء.... مــــآء....
يوماً ما.. وقف الاسد على ظهر تلةٍ يشرف على مملكته واذا به يرى منظراً غريباً غير مألوفٍ.. أسد مع فروته يتنطنط ويلهو ويلعب مع الخراف... ويأكل معها العشب.. أنه ابنه الشبل الذي كبُر وأصبح أسداً... جُن جنون ألاسد الملك ... فكيف بولي العهد.. الاسد أبن الاسود يصل به الحال الى هذا المآل؟؟؟.. لقد أصبح خروفاً..
وثب من على تلته الى مجموعة الخراف والاسد الشبل، وعندها ومن الطبيعي أن تهرب الخراف... ولكن الاسد الشبل هرب معها.... "الى أين؟ لم تهرب مني؟" صاح الاسد... "أنا خائف منك!"... "خائف مني؟!.. أنت أسد أبن ملك الغابة.. وتقول خائف!!"
"أنا لست أسداً.... أنا خروف!!!"... أجاب الاسد الشبل ... مـــآء.... مــــآء.... وانطلق يثغي كما تفعل الخراف!!
"يا بني ما هذا الكلام؟... أنت أسد أبن أسد !! تعال معي .. وذهب به الى النهر .."أنظر الى هنا".. نظر الاسد الشبل الى النهر ليجد صورته .. أسدٌ كبيرٌ مع فروة عظيمة.. واذا به يندفع الى الوراء خائفاً وقد ولّى ولم يعقِّب ...
"أرأيت يا بني... أنت أسد ابن أسد.. من عائلة أسودية عريقة... أنت معدٌ لتحكم الغابة... ما ينبغي لك أن تعيش خروفاً... تثغي مثلها ... وتتنطنط مثلها... هذا غير ملائم لك انت لست لهذا خلقت.. تعال يا بني اعلمك الزئير والصيد من جديد"
تعلم الاسد الشبل الزئير والصيد ... وعندما عاد الى اصدقائه النعاج ... زأر أمامها فولت هاربة...
يا أيها المسلم، يا أيتها المسلمة.. انت أسد أبن أسد.. آباؤك وجدودك أسود... أنت ابوك حمزة بن عبد المطلب وخالد بن الوليد وبلال وصهيب وسعد ومعاذ... وانتِ يا اختي أمك... فاطمة الزهراء وعائشة وخديجة... لم أراك يا أيها الاسد ... تتصرف بما لا يليق أسوديتك...
لِم أراك تتمايل على أنغام الفيديو "كلاب"؟ لِم أراك هائمٌ بعشق هذه المغنية أو ذاك اللاعب؟ ولِم تلبس هذا البنطال "المسحْوِل" كما يفعل "الهبيز" في أمريكا؟ ولِم ذهنك مشغول؟ ولِم عيناك حمراوتان أليس من السهر حتى بعد منتصف الليل على الاراغيل والدخان والشرب ؟ أيليق بأسوديتك يا أيها المسلم؟ وأنت يا ايتها المسلمة لم تلبسين مثل الكافرات؟ ولم هذا المكياج؟ ولماذا انت حتى هذه الساعة المتأخرة لم تعودي الى البيت؟ ألم تفطني أن لك زوجاً وابناءً لهم حق وواجبٌ عليك؟ أين دورك يا أختاه في أعداد الاشبال ليكونوا أسود المستقبل؟
انظر يا أخي الى النهر لترى من انت ... أقرأ التاريخ ... لتتعرف الى أمجادك... فلك أمجاد وأجداد ...لتتعرف الى ربعي بن عامر حين واجه ملك الفرس ودخل خيمته بفرسه وجلس الى جانبه واجاب ملك الفرس حين سأله "ما اخرجكم الينا".....فقال" جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة"
أنت أيها المسلم غدوت عبداً ... يريدون لك ان تكون عبداً... يريدون لك ان تكون خروفاً همك أن تاكل وتشرب وتتنطنط ... ولا غير ذلك .. خلقت لتسود الدنيا خلقت لتكون من الاعلَوْن ..
انظر الى النهر من جديد لترى محمد الفاتح ومحمد بن القاسم... وخير الدين بربروسا...
لقد خدَّروك ا يا أيها الاسد بالملهيات: بمواقع الانترنت التافهة، بالمسلسلات المدبلجة منها والغير مدبلجة التي تكرِّس عبادة الشهوات، بالفيديو "كلاب".. بالالعاب والمباريات والبطولات الوهمية في ساحات ملاعب كرة القدم... فأصبح هذا الاسد حبيس الشهوات وتمكَّن الاعداء من ان يتلاعبوا به لا بل ان يحسسوا على شعره وفروته فما عاد مخيفا كما كان يوما ما... يوم أن جيّش جيشاً لاسيرة عمورية.... فبإختصار شكله شكل أسد ولكنه أصبح يعيش كالخراف... همه تحقيق شهواته ونزواته فقط لا غير .... فما عاد مرعباً كما كان... يوم كان يُنصر بالرعب مسيرة شهر..
يا اخي الاعداء يتوقعون لهذا الاسد ان ينظر يوما ما في النهر ليصحو... فتراهم يضاعفون من جرعات التخدير: مواقع الانترنت، البرامج الهابطة، الحلقات التلفزيونية...
أنت يا اخي يوم ان تقرر ان تعود لأسوديتك كما عاد الاسد الشبل ستصبح مخيفاً كما فرَّت الخراف منه عندما زأر أمامها ... فهم يخافون منك ومن لحيتك يا ايها المسلم الاسد ويخافون من حجابك يا ايتها المسلمة .. لا بل حتى أنهم يخافون من شكل مآذننا فيريدون منعها في بلادهم...
أرجو منكم ومن خلال التعليقات التفاعل مع الموضوع لعلي بذلك أطمئن أن العبرة قد وصلت.

30‏/11‏/2009

أروع المحاضرات التي سمعتها في حياتي

أيها الباحث عن الحق، أريد أن اختصر عليك الطريق كثيراً، إليك سلسلة من المحاضرات للشيخ محمد حسين يعقوب تحت عنوان "أصول الالتزام" وهي مجموعة من ثماني محاضرات، لا أبالغ إن قلت أن هذه المحاضرات أحدثت عندي انطلاقة وتغيير عجيبين، أقدمها بين أيديكم، فالدال على الخير كفاعله.

هذا الرجل الشيخ محمد حسين يعقوب، رجلٌ صاحب تجربة وخبرة ممتدة الى أكثر من ثلاثين سنة من العمل الدعوي، رجلٌ صاحب تضحية، وهؤلاء أياً كانوا أحترمهم...

أخي الباحث عن الحق... أنصحك أن تختصر على نفسك البحث ... فلا حاجة لاختراع العجلة من الجديد فقد أٌخترعت ذات مرة... تقدم الى الامام... غيرك قام بالبحث ووصل ... إن شئت اسمع لنصائحهم وتجاربهم لربما بذلك يختصروا عليك الطريق .... فلا يوجد لديك الكثير من الوقت في هذه الحياة الدنيا... عمرنا قصير محدود ....

أخي الباحث عن الحق.. إن كنت لا زلت تتساءل مع من أكون؟ ومع أي جماعة أكون؟ أو مع أي حزب أكون؟ ستجد ضالتك في محاضرة (الجماعة).. أنصحك بالاستماع إليها...

أخي الباحث عن الحق... راجع نفسك هل أنت ملتزم حقاً؟ هل انتقلت من الظلمات الى النور ام انت ممن ينتقلون الى النور مع الظلمات؟ هل تخلصت من رواسب الجاهلية؟ أنصحك بقوة بالاستماع الى المحاضرة الرائعة (الحد الفاصل)..

أخي الباحث عن الحق .. هل لك خلوات مع ربك؟ هل أنت من أهل القرآن ؟ هل تستغفر الله، تسبح الله، تحمد الله كل يوم بالاف هذا زاد الثبات على الطريق.... أنصحك أن تكون مع محاضرة (التبتل) ....

هذه نصيحة محب هل تقبلها مني؟

30‏/10‏/2009

الحج عرفة والدين النصيحة والنجوى من الشيطان

كما الحج لا يصح بدون وقفة عرفة فـ (الحج عرفة) فالدين لن يصح بدون أن يكون عند المسلم النصيحة يسديها لإخوانه، فـ (الدين النصيحة) كما (الحج عرفة).

وإذا قرنَّا هذه المعلومة مع الآية الكريمة ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).

والنجوى هي السر بين الاثنين، فلا خير في النجوى عموماً إلا إذا كانت في حالات محددة حددها الله تعالى:

أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس وما عدا هذا وذاك فهو من الشيطان، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ)، وقد سبقتها الآية الكريمة التي تعزز هذا المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

الشاهد.... أن حال المسلم، إذا رأى أمراً خطأً، أو أصابه سوء من أخيه المسلم بأن يسدي النصيحة لأخيه المسلم. وهو، كما ذكرنا، ركنٌ مهمٌ لصحة دين المسلم كما وقفة عرفة ركن مهم أساسي لصحة الحج. ولكن إن حصل وقد توانى وقصّر في إسداء النصيحة فعلى الأقل أن لا يتناجى (أي يُسِّر القول) مع غير المعني بالنصيحة.

ولا أخفيكم سراً أن الواقع يشهد تواني أهل الدين ،وهم ملح البلد، عن إسداء النصيحة لبعضهم البعض، واستبداله بجلسات طويلة من القيل والقال، مستبدلين بهذا، الهدي الرباني بالنصيحة وضرورة المواجهة.

إذا لم يعجبك موقف ما واجه به أخاك أو على الأقل أصمت، لا تُدخل نفسك في دائرة المغيبة والنميمة، فما من نجوى لا يكون من وراءها فائدة: أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس فهي من الشيطان.

كلامي موجّه ابتداء لنفسي، ومن ثم لأهل الدين، ملح البلد، فمن يصلح البلد اذا الملح فسد؟!

ملاحظة: أرجو أن تتواصلوا معي عبر التعقيبات لأعلم هل فكرتي وعبرتي وصلت أم لا.

20‏/09‏/2009

قصة أبو منخار

يقولون أن ملِكاً أصابه داء الغرغرينا في انفه (منخاره) وأشار الأطباء عليه أن لا بد من جدع انفه (قطعه) وإلا انتشر المرض في كل جسمه مما سيقضي عليه حتماً.. وافق الملِك رأي أطباءه وجُدع أنفه.

خرج الملِك إلى وزراءه وخدمه وحشمه بدون انف، فتلامز الوزراء وتغامزوا عليه، انتبه الملِك للهمز واللمز وقرر أن على كل الوزراء والخدم والحشم أن يجدعوا أنوفهم.. وجُدعت الأنوف.. حينها لا أحد يسخر من احد.

خرج الوزراء والخدم والحشم إلى الشعب، بلا أنوف، فتلامز الشعب عليهم وتهامزوا وتلامزوا وتهامسوا، انتبه الوزراء والخدم والحشم لذلك، فصدر القرار أن على كل واحد من الشعب أن يجدع انفه، لا بل على كل مولود جديد أن يُجدع انفه... فجُدعت الأنوف...

مر الزمان ودار ودورته واعتاد الناس على بعضهم بدون أنوف، فتوقف الهمز واللمز والتهامس والتلامز... ولكن بعد مرور فترة طويلة من الزمن عاد للمملكة رجل قد غاب عنها منذ زمن بعيد، وانفه مكانه.. دخل المملكة ودار في أسوقها... فإذا بالناس تنتبه أليه.. وترمقه بنظرات من الاستغراب ... وبدء الهمز واللمز والتهامس ... لا بل بدأوا يضحكون عليه ويسخرون منه ومن أنفه.... واطلقوا عليه لقب... "أبو منخار"!!

العبرة

قبل حين من الدهر كان الناس كلهم يطلقون اللحى ...لحىً طويلة مرخاة، وكان الناس يلبسون الثياب الطويلة (الدشاديش بلغة عصرنا اليوم) وكانوا يغطون رؤسهم اما بعمامة واما بقلنسوة (طاقية بلغة عصرنا اليوم)... وكانت النساء يلبسن الجلباب ويغطين وجوههن... ومن خرج على الناس حينها بدون لحية اطلقوا عليه لقب "أمرد" ومن خرج عليهم بسروال (يعني بنطلون بلغة عصرنا) قالوا له ستِّر على حالك، أما من خرج بدون شيء يغطي رأسه لقبوه بلقب "أمفرِّع"... ومن خرجت بدون غطاء وجه ... قالوا عنها سافرة!!!

مر الزمان ودار دورته وترك الناس اللحى الطويلة المرخاة وتركوا لباس الدشاديش ولبسوا الافرنجي وتركوا غطاء الرأس وتركت النساء الجلباب وغطاء الوجه.... وعندما عاد شباب الى اللحى والى الدشاديش والى العمامة او الطاقية وعندما عادت النساء الى الجلباب وغطاء الوجه... بدء الهمز واللمز عليهم والسخرية... واصبحو ابو لحية وابو طاقية وابو .... وابو.... واصبحوا "بدهم يجبوا الدين على مالطة" و"ماسكين الدين من ذنبته" والكثير من الالقاب...

"بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء"

24‏/08‏/2009

.... والى اللقاء في الجنازة القادمة

بسم الله

كانت هذه آخر ما كتبت عقب مقتل الشاب هاني غنايم، (المقال: ازمة قيادة (زعامة) في باقة الغربية) وها هو اللقاء وقد جاء... مقتل الشاب أحمد خشان... بنفس الملابسات تقريباً.. القاسم المشترك مقاهي باقة ان لم نقل محاشش باقة... أصبح ارتياد هذه المحاشش اخطر على الحياة من أنفلونزا الخنازير!!

بكلمات مختصرة... نستطيع ان نجلس ونذنِّب الكثيرين لأنهم مقصرون وهم مقصرون... ولكني أريد هنا أن أوجه نداء أن تعالوا نوجه الإصبع إلى أنفسنا.. تعالوا نتهم أنفسنا نحن معشر (الفهمانين) معشر الملتزمين أن ماذا عملنا... ماذا صنعنا لكي نمنع هذا القتل.. نحن المقصرون.. نحن المذنبون... دعوكم من اتهام الآخرين ... فهو لا يجدي نفعاً... وعندها حقيقةً إلى اللقاء في الجنازة القادمة أيضا... ولكن حينها سنبدأ ندخل بالروتين، روتين القتل..عادي... طبيعي... وبعدها تبدأ مرحلة التفنن بالقتل ... وبعدها وبعدها...

الا زلت مكتوف اليدين؟ ... تقول لي ماذا افعل؟ نحن ما عدنا بحاجة لا الى مهرجانات ولا الى خطابات ولا الى إضرابات فهل منعت هذه وتلك هذا الدم الذي سفك اليوم أن يراق؟ نحن بحاجة إلى عمل ثابت دؤوب ... لا يمل ولا يكل... إن جريمة القتل هذه دلت على أن وازع الدين والإيمان غدا ضعيفاً ... فلا بد من تقويته..

لقد اجتمع أخوة من رواد المساجد بعد الجنازة مباشرة في المسجد القديم وتباحثوا هذا الأمر الجلل ... وخرجوا بقرار تكثيف الدعوة وبالأخص خلال شهر رمضان... فمن رأى بنفسه الهمة والشعور بالانتماء لهذا البلد فانتم على موعد مع جولات دعوية في شوارع باقة وخصوصاً الشارع الرئيسي الذي يضم في خلده الكثير من أبناء الشبيبة الذين قتلهم الفراغ ... نحن نريد أن ننزل إليهم أن نكلمهم أن نحتضنهم .. هذا بالإضافة إلى زيارات دعوية للبيوت نكلم الناس الشباب.. نحاول أن نعيدهم إلى الله أن نحببهم بالدين أن نعبِّدهم لله تعالى... هذا جهد المقل فهل من مشمِّر...

الجولات ستنطلق من المسجد القديم الساعة 17:30 (بعد صلاة العصر بنصف ساعة) وبعد صلاة التراويح من المسجد القديم.

أسهل ما في الأمر إلقاء التهم على الآخرين.... الصعب أن تلقي التهمة على نفسك بالتقصير... والأصعب أن تباشر بالعلاج...