تربية للجلباب
أحكام الإسلام جاءت للتنفيذ وللتطبيق وليست للاستشعار العاطفي فقط، وكم من الآباء أو الأمهات أو الفتيات مروا على هذه الآية (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..).. وهم يعلمون أنها من القرآن الكريم وأنها من عند الله، واجبة التنفيذ، وهم أناس ملتزمون، أو على الأقل يظنون أنفسهم كذلك، ولكنهم وقفوا عندها متلكئين عن التنفيذ، يشعرون بالعجز عن تنفيذها.
كم من أب أو أم كبرت بنتهم وأصبحت صبية، وهم لا يزالون محتارين، هل نلزمهما على الجلباب أم ننتظرها حتى تقتنع؟ والأم تقول أن لا أجوبة عندي لابنتي التي تريد منا أن "نحل عنها" فكما انكِ أيتها الأم لبست الجلباب متأخرةً أن دعيني وشأني، حتى أقتنع! وألبسه عن قناعة....
وكم من أب وأم ألزموا بناتهم على لبس الجلباب ولكنهن لا يضيعن أي فرصة للتخلص منه أو جزء منه: في رحلةٍ مدرسية، في عرس أو أي مناسبة عائلية، فلا تتورّع الفتاة في تحويل الجلباب إلى شيء يشبهه: مزركش، مفتوح، ليبين البنطلون، وأما الرأس فمغطى بشال رقيق شفاف ليبين الشعر أو الأذنين أو كلاهما معاً، والأب والأم محتارون ماذا نفعل، ويعزُّون أنفسهم "هيك ولاّ بلاش"!!
إن ظاهرة "الشال مع البنطلون"، يجب أن تستوقفنا، فكم من فتاة تلبس هذا المسخ، وتظن نفسها أنها على هدى، وتعد نفسها من "المتدينات"، هذه الظاهرة ليست قديمة، فما اذكره أن الفتاة إما أن كانت تلبس الجلباب أو لا، أما شريحة المحافظين فألبست بناتهم "ربطة" وهي منديل صغير على الرأس، أما اليوم فمسخ أصاب الأمة، رأيته في كثير من المدن العربية في البلاد وخارجه...
يا أخوتي، تعالوا نعترف، لقد ضُربنا نحن الآباء والأمهات في مقتل بعمليتنا التربوية للجلباب، وطبعاً حديثي هذا لمن كان الأمر يهمه، شريحة الملتزمين. وعندما أقول "العملية التربوية للجلباب" اعي معنى الكلمة وأبعادها، نعم، يجب أن ننظر إلى الجلباب على انه عملية، مشروع، وليس بالأمر الهيِّن. ودعونا، رجاءً، من العواطف والمشاعر والأحاسيس، "أنا بركن على بنتي"، "أنا ربيت بنتي مليح"، "بنتي خجولة وأديبة"، هذا كله هراء، سذاجة، وهبل، فمن قال لكَ أيها الأب ولكِ أيتها الأم إنكما لستما الوحيدان في الميدان؟؟ ميدان التربية!!
ابنتكم هذه مسكينة غير محصّنة، لوحدها، لتواجه تيار جارف أسمه التلفزيون بمسلسلاته العربية والأجنبية والمدبلجة، تسونامي خطير أسمه النت بتشاته، وماسنجره، ومواقعه وخدماته المختلفه، إن ابنتك تتأثر، من حيث لا تدري، بقيم وثقافات دخيلة عالمية، قوامها التحرر والانفلات وثقافة "الخوش بوش"، حيث ضربت قيم مثل العيب والممنوع، ضربوا الحياء، بطريقة منظمة ومدروسة، يجب أن تعي أخي وأختي المربيين ذلك، أنت لن تستطيع أن تلزم ابنتك التي تربيت على يد هؤلاء إن لم تكن لكم أيضا خطة مبرمجة لابنتكم، لا أريد لك أن تكون "الحاج الذي يصلي بالصف الأول وابنته متبرجة"، وتقول "مغلوب على أمري" عليك أن تدرك نفسك!
إن للتربية للجلباب خطوات عملية:
1. التزام الأم بالجلباب، ابتداءً، فحجر الزاوية في العملية التربوية هي التربية بالقدوة.
2. يجب ان تُربى البنت على الحياء وهي الخطوة الاولى للجلباب، يجب ان تُنشَّأ البنت على الانتباه لتصرفاتها فيما يليق وما لا يليق.
3. تقوية وازع العقيدة الراسخة، والامتثال والطاعة لله ولرسوله.
4. ربط البنت بنماذج عملاقة من الصحابيات وعلى رأسهن أمهات المؤمنين كقدوة.
5. على الأب والأم الاهتمام بوجود جلسة يومية تعليمية تربوية لكل العائلة، صغيرها وكبيرها، تقرأون فيها من كتاب، وانصح أن يكون في هذه الجلسة ما يجذب الأبناء الصغار منهم من مأكول ومشروب.
6. ضع أمامك أن الانتقال إلى الجلباب مرة واحدة خطوة عسيرة وصعب الاستساغة عند البنت، لهذا انصح أن تكون في البداية تغطية الرأس والتدريج للجلباب بحيث يكون الحد الفاصل الانتقال من الابتدائية إلى الإعدادية، بداية الصف السابع، لأن ذلك يسهِّل على النفس استساغة التغيير لان البنت ستطور روابط جديدة غير تلك المألوفة من فترة الابتدائية.
7. انصح أن تلبس البنت الجلباب مرة واحدة، في المرحلة الانتقالية، وان لم يكن بالمستطاع فلبس القطعتين : قميص وتنوره الساترتين المحتشمتين كخطوة بين الشال والبنطلون الذي كانت عليه في الابتدائية والجلباب، الذي يوجبه بلوغها.
8. أرجوكم لا تظلوا تنظروا إلى ابنتكم على أنها البنت الصغيرة الدلوعة حتى ولو كانت في الثانوية ومنهم من لا زالت ابنته صغيرة وان كانت بعد الثانوية، ، هي صغيرة بأعينكم وهي بذلك تنظر إلى نفسها أنها صغيرة فتتصرف وتلبس على أنها صغيرة، ابنتكم تكبر، الكل حولها ينظر إليها أنها كبيرة والذئاب البشرية كذلك، فاحذروا!
9. انتبهوا إلى ماذا تشاهد البنت من مسلسلات وحلقات، فهي عرضة أن يتعلق قلبها بعادات الكفار وأفكارهم ومشاهيرهم فاحذروا.
10. احذروا، من فرط حبكم لابنتكم، أن يكون حاسوبها وتلفزيونها في غرفتها لوحدها، فهي اضعف بكثير مما تتخيلون وكم فتاة بريئة وقعت فريسة لذئب بشري في لحظة ضعف.
11. احذروا من قوادح الحياء ، فلكم أعجب لآباء ملتزمون، بناتهم بالمرحلة الابتدائية، في صف الخامس والسادس، وهن على أبواب البلوغ ولا زلوا يذهبون بهن إلى المسابح مثلا، ويتعلمن السباحة!! البنت يجب أن تتعلم أن لا تخلع ثيابها خارج بيتها، انتم بطيبة قلوبكم تدمروا فتياتكم، أنكم تدمرون أهم شيء فيهن: الحياء!! وأظن انه يجب الانتباه إلى ما تلبسه البنات اللواتي بلغن الصف الرابع والخامس ، فادعوا أن يكون لبسهن أكثر حشمة مبتعدين عن لبس البنطلونات القصيرة والفالينات ذوات الكم الخيطي مثلاً. قد تقولون هي أمور بسيطة وتافهة والبنت صغيرة، أقول لكم هذا يندرج من ضمن المشروع والخطة للجلباب.
أخوتي أخواتي، هذا رأيي وهذا اجتهادي، لكم أن تقبلوا ولكم أن تردوا، لكم أن تقبلوا ما شئتم منه وان تردوا ما شئتم منه، المهم أن لا تأخذوا مسألة لبس الفتاة للجلباب على أنها مسألة بسيطة وسطحية.
هذا اجتهاد مني، إن أصبت فهو توفيق من الله، وإن أخطأت فهو من نفسي، ومعذرة إن غفلت عن ذهني نقاط أخرى أرجو منكم إثراءنا بها من خلال تعقيباتكم الكريمة.
يتبع
هناك تعليقان (2):
اللة يفتح عليك يا اخي ابا يوسف اكتب يا "زلمى " عسى اللة ان ينفع بكتاباتك
وفيك الله بارك ....
ونسأل الله ان يحقق لي ما دعوته لي..
نسأل الله الاخلاص لأنه اول اسباب قبول العمل وهو مطلبي ابتداءً وانتهاءً
إرسال تعليق