18‏/05‏/2009

كالكوز المجخّى

اذا واجهت مرة احدهم بان عرضت عليه التزام فرضٍ فرضه الله عليه كالصلاة عموماً او صلاة الجماعة في المسجد خصوصاً او اعفاء اللحية او عرضت عليه اتباع سنةٍ فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم كالصلاة الى سترة او غطاء الرأس أو اللباس الفضفاض (الثوب بلغتنا الدشداشة) أو الاقلاع عن ذنب أو معصية أو كبيرة مثل التعامل بالربا (كحساب التوفير أو تأمين) أو سماع الاغاني والموسيقى أو شرب الدخان أو ما الى ذلك..
كنت بين صور مختلفة من ردود الفعل...
هناك الملبي المستجيب مباشرة .. بلا تعقيد ولا تحليل فلا يجعل من اعفاء اللحية "مشروعاً قومياً"، ولا يعقد لك مسألة عدم التأمين خوفا على سيارته لتبدأ عنده "الأنأنه" :وإن حدث كذا... وإن حدث كذا ...وإن ...وإن...
وهناك الملبي المستجيب ولكن بتلكؤ ... بعد ان هالت وصعبت عليه المسائل ورأى ما تدعو اليه جبلا من الجبال العظام .. يرى اعفاء اللحية كتسلق جبل افيرست أما ترك الدخان فصعود جبال الهملايا الشاهقة... وهذا في احسن احواله اجّل وسوّف (من كلمة سوف) ... ومنهم من هادن نفسه بلحيةٍ تسمى اليوم "لحية السبك"... علما ان رسول الله امر (وكان هذا حاله) لحية مرخاة طويلة... وهذا الرجل اطلق اللحية بعد طول صراع من نفسه وشعر انه انجز انجازا عظيماً...
وهذا تنظر اليه مشفقا لحاله كيف عقّد نفسه مع ان الامر بسيط سهل مُيسَّر..
اما الطائفة الثالثة من الناس فهم المعرِضون المطنشون... وهؤلاء قلوبهم كالكوز المجخَّى(هذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم) لا ينكر منكرا ولا يعرف معروفاً..
الكوز المجخَّى هو الكأس المقلوب... هل تستطيع ملأه بالماء وهو مقلوب؟ لا والله ... كل ما هو مطلوب ان تقلب الكأس لملأه بالماء بسهوله ...
فمنهم من قُلب قلبه باستعدادٍ تام لتعبئته بالماء وهؤلاء اصحاب الفِطَر السليمة الصافية النقية.. وهؤلاء الصنف الاول.. اصحاب الاستجابة المباشرة..
اما اصحاب التلكؤ فاكوابهم لا زالت مجخَّية شيئا ما يسيرا.. والمطلوب منهم قلبها وتوجيهها صوب النبع الصافي...
ولكن يا اخي... اعلم ان قلبك وقلوب العباد جميعا بين اصبعين من اصابع الرحمن كما ورد في الحديث الشريف يقلبها كيف يشاء... فإن انت اهتديت وصليت الفجر في جماعة او قمت الليل أو أنفقت لا تظنن يا مسكين ان هذا بشطارة منك ... انما هو منٌ وفضلٌ من الله عليك يا مسكين ابتداءً وانتهاءً، فلولا الله ما صمنا ولا صلينا ولا اهتدينا، هو ..هو وحده لا غيره الذي هدانا... وان تخيلت هذه المعاني وحدها يجب ان تخر ساجدا شكراً وتعظيماً لخالقك كم فضَّلك يا مسكين على كثير كثير من خلقه تفضيلا ... ان جعلك من اهل القِبلة... ان جعلك مسلماً ابتداءً وأن جعلك من اهل الهداية واهل السنة اهل الاتباع والتسليم المطلق، فهم قلة القلة لا بل قل صفوة الصفوة ... وكل ما لنا من حظ هو ان نُري اللهَ منا جهداً يسيرا بالرغبة الكاملة ان نكون منهم وان نظر الله واطلع على قلوبنا فوجد فيها اخلاصاً قد ملأها واجتهدنا وجاهدنا في سبيل التوصل الى تحقيق ذلك... اعطانا الله ذلك تفضلا منه جل ثناؤه وتعالت صفاته وتقدست اسماؤه (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم)...

هناك تعليق واحد:

fhr,di يقول...

تضامنا مع ما دكرته في اخر المقاله ادكر ان الله تعالى انزل في كتابه العزيز...يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين