22‏/06‏/2009

عندما وقف المحبون على شرفة ليلى

"... عندما وقف المحبون على شرفة ليلى بجموعهم الحاشدة، ينشدون حب ليلى وقد نثروا لها القصائد، والمدائح، وتعالت الأصوات كل يدعي وصلاً بليلى..
أطلت عليهم ليلى، وقالت أيها المدعون حبي، كَثُرتم، وما أعرفكم، فكيف لي بوصلكم؟ من أدعى فعليه البيِّنة لا محالة، دونكم بلاد ما وراء الضباب، أريد من هناك باقة من الياسمين مزيّنة بزهر الأقحوان، فمن ادعى الوصل بذل الجهد والمشقة، فدونكم مشوار طويـــ....ــل، وعرٌ صعب والأعداء من حولكم يمنة ويسرة يتربصون بكم، فهيا انطلقوا....
فكان من المحبين من انتكس وعاد القهقرى، ومنهم من بدء المسير فوجده صعبا صلداً فانتكس على عقبه، ومنهم من خاض الغمار، ولكن منهم من لا زال على شرفة ليلى ينشد القصائد والمدائح وقد تعالت أصواتهم بحب ليلى لا يزالون يدعون وصلاً بليلى..." (*)

....
....
فيا من ادعيت حب الله ورسوله والإسلام أين تضحياتك وبذلك الوسع الغالي والنفيس قبل البخس الرخيص؟
فما حب الله ترانيم تنشد في الليالي، ولا حب الرسول تمسُّحات يُتمسح بها على الوجوه والأجسام عند ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فما اسمه دهنٌ يُتمسح به، إنما حب الحبيب العدنان صلى الله عليه وسلم بذل الوسع والجهد لإثبات حبه، فليس كل مدَّعٍ صدقناه، فمن أدعى الغوص، قلنا له دونك البحر اقفز فيه لنراك...
فيا مدعي الحب... إن المحب لمن يحب مطيع...
قل لي بربك، كيف تدعي الحب لله ولرسوله، وأنت غارق إلى أذنيك بالربا بالبنوك بمدخرات وبرامج توفير وبطاقات ائتمان (فيزا)... وبيتك بنيته او تبنيه من "مشكنتا" (القروض الربوية)... وبعد هذا تقول لي اني محب متبع!!
قل لي بربك، كيف تدعي حب الله ورسوله، ألم تنظر إلى زوجتك وابنتك، وهما تخرجان من البيت بغير الجلباب الذي يريده ربك الذي تحبه؟ الم تنظر إليهما متبرجتان؟... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي بربك، كيف تدعي حب الله ورسوله، وتؤذي جارك الذي وصاك به حبيبك أيها المدعي، وهذه الأوراق التي ألقيتها قبل قليل من السيارة على الشارع اهو دليل حب لله ولرسوله أيضاً... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي ايها المحب، إن كنت كذلك مال بال مسجد حيِّك ان امكنه الكلام لصاح بك ان اين انت، وقد قصرت في صلاة الجماعة وتهاونت في صلاة الفجر ... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي بربك، ما بالك مع زوجتك واهلك أسدٌ غضنفر وحش كاسر، أما مع الخلق فحَمَلٌ وديع وغزال رقيقٌ، تنثر لهم أطايب الكلام وأحاسنه أما مع اهلك فلا يجدون منك إلا أقبحه وأبذأه..
قل لي أيها المدعي الحب لله وللرسول، أين حلمك، أين عطفك، أين رحمتك، أين تواضعك، أين حياؤك، أين حبك لغيرك أكثر من نفسك... أين وأين...
قل أيها المدعي الحب لله وللرسول، مالك قد آثرت الدعة والسكوت والخلود إلى الأرض إذا قيل لك انفق .. أمسكت... ولكن مبارك عليك السيارة الفارهة الواقفة في الخارج؟... واحمد الله على سلامتك بعد عودتك الميمونة من السفر الكريم... اين كنت... في انطاليا ام في براغ ام في باريس... ولكن نحن بحاجة لتفرِّغ لله سويعات قليلة... آه .. آه.. نعم.. فهمناك انت مشغول دوماً... عافاك الله وسلمك ... ابق في تثاقلك إلى الأرض ... وعندما ينزل بك العذاب لا تلومنَّ إلا نفسك...
قل لي أيها المدعي الحب للرسول... ما لي أرى سيجارتك في فمك بعد، أتحب أن تجتمع بحبيبك اللحظة وسيجارتك ألاثمة في فمك؟
قل يا أيها المدعي الحب للرسول أين لحيتك؟ اين لحيتك التي أعفيتها؟؟ أين منظرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تحبه، اذهب وتعلم من الصغار كيف حبهم للممثلين واللاعبين؟ ألا تجدهم يقلدونهم في أصواتهم وحركاتهم ولبسهم... يا أيها المدعي....بعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي أيها المدعي الحب ... الم يأن أن تبذل الوسع في من ادعيت حبه...
فما الحب بالكلام ولا بالقصائد ولا الأناشيد .... الحب بالبذل والجهد والمشقة...



(*) القصة افتراضية خيالية، من باب الامانة والعدل، وهي فقط للعبرة والمثل.

15‏/06‏/2009

عندما تخيلت نفسي من أصحاب الكهف

يومي يبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، أقيم صلاتي، ارعي شؤون أسرتي، أتقن عملي ما أمكنني، أتجنب ما أمكنني محارم الله، أغض البصر، لا اكذب، لا اسرق، التزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، أتعلم عن ديني وازداد، آمر بالمعروف أنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
أسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق جهنم.. أسعى لأنجو بنفسي من عذاب النار.."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد أن ادخل الجنة... فيوماً ما سأقف أمام الله تعالى فرداً... سائلني وأنا مجيبه...
أتخيل ... لو... مثلاً.... يوما ما لسبب ما ...فجأةً...دخلت كهفاً... كما أصحاب الكهف... أو دخلت جُباً.. كما يوسف عليه السلام... او لربما ... دخلت في غيبوبة...
أتخيل أني لبثت بهذا الانقطاع حيناً من الدهر... وخرجت إلى الدنيا....من جديد ....
وإذا.... هناك.... إعلان ...."نعلن عن إقامة خلافة إسلامية" ...
أتساءل ....هل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...
يومي سيبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، سأقيم صلاتي، سأرعى شؤون أسرتي، سأتقن عملي ما أمكنني، سأتجنب ما أمكنني محارم الله، سأغض البصر، سوف لن اكذب، سوف لن اسرق، سألتزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، سأتعلم عن ديني وازداد، سآمر بالمعروف سأنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
سأسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق جهنم .. سأسعى لأنجو بنفسي من عذاب النار .."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد أن ادخل الجنة... فيوما ما سأقف أمام الله تعالى فرداً ...سائلني وأنا مجيبه...
على المستوى الشخصي.... ما تغيَّر؟.... لا شيء...
ظني بمن أعلنوا قيام الخلافة أنهم سوف يسعون لإقامة الحدود، سوف يساعدوني أكثر على تطبيق ديني ...سوف تكون الأخبار ألطف قليلاً... فالقتل من المسلمين سوف يكون أقل... سوف نكون أعزة..
ولكن "كمان مرّةً" ... أنا يا من أريد النجاة من عذاب الله... يا من يريد النجاة والفوز بالحساب الفردي أمام الله... يوم الحساب يوم يُحشر الناس من لدن آدم وحتى قيام الساعة ... هل سأنتظر الـ "سوف" حتى تثمر شيئاً ما ... فالخلافة لا زالت في بداياتها، وأنا... لا زلت أنا... ولم اخرج عن جلدي... أريد النجاة..
فهل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...
يومي سيبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، سأقيم صلاتي، سأرعى شؤون أسرتي، سأتقن عملي ما أمكنني، سأتجنب ما أمكنني محارم الله، سأغض البصر، سوف لن اكذب، سوف لن اسرق، سألتزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، سأتعلم عن ديني وازداد، سآمر بالمعروف سأنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
سأسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق النار.. سأسعى لأنجو بنفسي من عذاب جهنم.."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد ان ادخل الجنة... فيوما ما سأقف أمام الله تعالى فرداً سائلني وانا مجيبه...

قامت الخلافة واستتب الحال....
فهل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...

اذاً ....هل الخلافة... غاية بحد ذاتها ؟؟... فواقعي الشخصي كعبد لله، مطلوب منه أوامر يجب أن يعمل بها ما استطاع وان ينتهي عن النواهي ... عبدٌ يسعى للنجاة من لهب النيران ...نيران جهنم... يسعى للفوز بجنان الرحمن ...
الخلافة ليست غاية بحد ذاتها،
إنها وسيلة لتحقيق عبودية الله تعالى في الأرض، إنها وسيلة لتكون كلمة الله هي العليا... وسيلة وليست غاية بذاتها!!
إذا كانت الخلافة كخلافة... وسيلة وليست غاية.... فهل العمل من اجلها، وفقط من أجلها ، ومن أجل الوصول إليها هو غاية بحد ذاته؟؟

التمكين والنصر والاستخلاف هو بيد الله تعالى وحده، "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض"، "وما النصر إلا من عند الله"، "ولينصرنَّ الله من ينصره"... فالنصر معقود بيد الله ...فكل ما هو مطلوب مني على المستوى الشخصي ان انصر الله تعالى بأفعالي وأقوالي ... وان اجتمعت أسباب النصر بالأمة استحقت الأمة النصر والتمكين... فالنصر والتمكين لا يُعطى بالمجان لا هبةً ولا عطيةً ... انه يُعطى للذين آمنوا وعملوا الصالحات ... انه يُعطى لمن ينصره...

المطلوب أن نُري ربنا منَّا جِداً في عبادته، جِداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ونصبر على ذلك... نضحي من اجل ذلك ... فلسنا بأفضل من المهاجرين، ألم يستحقوا التمكين وهم في مكة 13 سنة؟ ولكن الله تعالى، وهو شهيد على تعذيبهم، لم يمكِّن لهم 13 سنة طويلات بعذابها وتضحياتها ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ...والرسول صلى الله عليه وسلم يحاول 13 مرة طلب المنعة من القبائل وفي كل مرة يخفق من جديد، حتى أتاه الأنصار إلى مكة وهو لم يتوجه إليهم، أتوه هم وهو لم يأتيهم، أتوه مبايعين ... ليكرِّس لنا الشارع ان النصر منعقد فقط وفقط وفقط بيد الله تعالى... فعندما أرى المهاجرون اللهَ منهم جدَّاً وجلداً وتضحيات للدين... أتاهم النصر، وفي ظرف 10 سنوات، وهي الفترة المدنية، كانت الجزيرة العربية بأسرها تحت حكم المسلمين، الذين كانوا مستضعفين، لا بل تُجيّش الجيوش لحرب الروم ، وهي الإمبراطورية العظيمة في ذاك الزمان، في مؤتة وتبوك.
نحن في زمن بحاجة فيها للعمل والعمل الحثيث على عبادة الله تعالى وحده خالصاً... وان ندعو إلى الله تعالى على بصيرة... أقول الى الله ... لا إلى ذواتنا ولا إلى شيوخنا ولا إلى أحزابنا ولا إلى حركاتنا ولا إلى جماعاتنا بل الى الله، "قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وما أنا من المشركين"...
نحن بحاجة إلى الدعوة إلى الله، (ادعو الى الله) ، كما بحاجة إلى الدعوة إلى سبيل الرسول الواحدة (هذه سبيليبعلم (على بصيرة) بإتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم (ومن اتبعني) وليس من بُنيَّات أفكار زيد ولا عمرو ... فالعصمة دُفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة... فنحن غير ملزمون باجتهادات لا فلان ولا علاّن ،نحن ملزمون بالدليل الصحيح الصريح، وما عدا ذلك لا يلزمنا بشيء... وهذه الدعوة يجب أن تكون خالصة لله ولا نشرك معه بها احداً (وما انا من المشركين)... لا ذواتنا ولا شيوخنا ولا حركاتنا ولا احزابنا.... فقط لله تعالى...
عندها... صدقوني.... يأتي النصر... والتمكين... وعند ذاك يفرح المؤمنون بنصر الله...

08‏/06‏/2009

لقد قالها.. (قصة قصيرة جداً)

أسامه شاب في مقتبل عمره، يحمل السلاح مرابطاً على الحدود، حدود الوطن السليب، حيث الكفار الحاقدون، يقرأ القرآن كثيراً، يصوم النهار ويقوم الليل.. يتمنى الشهادة بصدق.. يحب الله ورسوله ويحب الإسلام...
يشاهد الأخبار .. لا بل يعيشها، فشعبه مضطهد معذبٌ مقهور، وهو تربى على كراهية الكفار، ومنذ نعومة أظافره، ولكنه يحب الله ورسوله والمؤمنين والمسلمين.. هذا ما علمه إياه شيخه محمد... فشيخه محمد اعلمه أن من روعة ديننا انه مجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!
تعلم أن يحب المسلمين، فهو يحبهم أينما كانوا مع اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأشكالهم وعاداتهم ....يحبهم... فقد تربى على هذا... ولكنه لا زال يشاهد الأخبار!
حمل السلاح، بعدما قُتل ممن يحبهم الخلق الكثير، وجُرح منهم العدد الكبير، تدرب على القتال حتى أصبح بطلاً مغواراً... واتى اليوم الذي خرج إلى ساحة الوغى..
لقي العدو مع اخوانه، أثخنوا فيهم الجراح، واستطاع هو ومجاهد آخر أن يلحقوا بجندي كافر، أدركوه... رفعوا سلاحهم عليه ... اسقط الجندي سلاحه... جال في رأس أسامه وجوه من أحبهم الذين قُتلوا وجُرحوا... وضع إصبعه على الزناد... همَّ بإخراج الرصاصة ليستريح البشر من هذا الكافر.... واذا بالجندي... يصرخ (لا اله الا الله محمد رسول الله)... ابعد أسامه إصبعه عن الزناد قليلا ... نظر يمنة ويسرة... لم يجد غير الجندي الكافر الذي صرخ بـ " لا اله إلا الله محمد رسول الله "... تذكر شيخه محمد الذي علمه ان يحب الله ورسوله والمؤمنين والمسلمين... ولكن المسلمين الذين أحبهم محمد قُتلوا على يد هذا "الكافر"... الذي لم يعد كافر.... الم يعلمه شيخه محمد أن من روعة ديننا ( انه مجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!)
أعاد أسامة إصبعه إلى الزناد.... و....

ماذا كنتم تتخيَّلون أسامة فاعلٌ ؟ دعوا خيالكم يسرح قليلاً...
نفس القصة مع نفس الشخصيات ولكنها حدثت قبل 1400 سنة، أسامة بن زيد كان في معركة ضد الكفار حيث لحق هو وأنصاري آخر كافراً ،وحينما أدركاه عند شجرة، شهرا سلاحهما في وجهه وهمَّا في قتله، لفظ الكافر الشهادتين، انزل الأنصاري سلاحه ولكن أسامة بن زيد لم يتردد وهوى بسيفه على الكافر فقتله، وعندما عادا إلى محمد بن عبد الله، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقصَّاَّ عليه ما حدث، غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنيع أسامة وظل يردد "ماذا تصنع بلا اله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة، أشققت عن قلبه" ظل صلى الله عليه وسلم يرددها حتى تمنى أسامة أن لو لم يكن اسلم قبلها !!!
أعود بكم إلى المشهد الحاضر، هل وصل المجاهد أسامة الى نفس ما وصل اليه أسامة بن زيد؟ أن "ماذا يفعل بلا اله إلا الله"، وهي الكلمة العظيمة التي ما خُلق الناس الا لتحقيقها وما خُلقنا نحن المسلمون إلا لتحقيقها وللدعوة إليها...
هل المجاهد أسامة يقاتل فعلاً وحقاً لتكون كلمة الله، كلمة التوحيد، هي العليا؟ أم يختلج قلبه نوايا أخرى، الوطن وحب الوطن والانتقام وما إلى ذلك من النوايا؟
هل توصل المجاهد أسامة إلى المعنى الذي تعلمه أن يحب المسلمين أينما كانوا، هل ذوَّت فعلاً روعة ديننا بأنه ومجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!
اذا كان هذا حال من تلفظ الان بالشهادتين، كيف بالمجاهد أسامة بأخيه المسلم ابن بلده الذي يتلفظ بالشهادتين منذ سنون؟ ضعوا أنفسكم محل المجاهد أسامة وتفكروا .... بالمحبة بين المسلمين!!!!

03‏/06‏/2009

عين حوض الرمز

عندما تحدث هزة أرضية في مكان ما في العالم، لا بد لأحد المصورين أن يجد ساعة حائط قد توقفت عن العمل لحظة الزلزال، ليخلِد من خلالها، ساعة وقوع الزلزال، والصورة تكاد تنطق من شدة عبرتها، فإذا كان هذا هو حال ساعة حائط توقفت عن العمل لحظة الزلزال، فما بالك بقرية كاملة،قد توقفت فيها الحياة منذ الـ1948، لتخلِّد ذكرى نكبة شعبٍ أضحى مشتَّتاً، مشرَّداً، يتلوى بنار البعد والشتات.
يوم الجمعة الماضي، كنا على موعد مع رحلة عبر الزمن، بدون مركبة انتقال عبر الزمن، وبدون عصا سحرية، كنا في ضيافة اخ كريم عزيز، ابو أحمد، الأستاذ معين ابو الهيجا، ابن عين حوض البار حفيد الحاج محمد محمود ابو الهيجا، ابو حلمي، الذي انتقل من بلده عين حوض التراث والارث، الى عين حوض الصمود والاباء..


منظر عام لقرية حوض


عين حوض بسكانها شيوخها، شبابها، رجالها، نساءها واطفالها، هي ولا شك رمز، رمز للصمود والتحدي والإباء كما هي رمز للنكبة وما أعظمها من نكبة وما أشدَّ مرارتها، عندما تُستبدل في أرضك ودارك بغيرك..

منظر يخطف الابصار من بيت ابو احمد يطل على البحر

عين حوض قرية عربية، مسلمون أهلها، من قرى الكرمل المهجّرة عام 1948، على بعد 15 كم الى الجنوب من مدينة حيفا، كان عدد سكانها قبل النكبة يربو على الالف نسمة، كلهم من عائلة واحدة وهي عائلة ابو الهيجاء الذين يعودون في جذورهم الى القائد حسام الدين ابو الهيجاء، أحد القادة الذين رافقوا صلاح الدين الايوبي، هُجِّر أهلها قصراً عنهم، وكيف لهم ان لا يهربوا وقد سمعوا عن جيرانهم في الطنطورة وقد فُعل بهم الافاعيل واخوانهم في عين غزال الذين نزلت على رؤوسهم حمم ملتهبة من طائرات الشر وسفن الشر ومدافع الشر، كيف لهم وهم البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة ان لا يحملوا متاعهم على ظهورهم ويتركوا الدار والديار، وينتشروا في سقاع الارض وبقاعها، ومن هؤلاء الحاج ابو حلمي، الذي انتقل بأهله وعياله إلى التلة المقابلة لبلده حيث ارضه، أقام بيته هناك وصمد وصبر وتعاهد أبناؤه وأحفاده على الصبر والثبات والمطالبة بالحق ليس تفضلاً ولا منَّة ولا فضلاً من أحد، فهم أصحاب الدار والديار وليس الغرباء الذين أتوا من وراء البحار.
تجولنا في قرية عين حوض الـ48 ، واعتصر القلب ألماً، وما أشده من ألم وانت تسمع من أبي أحمد "ان هذا بيت جدي الذي وُلد فيه أبي" وقد سكنه الغرباء وهذا مسجد القرية ، فبعد ان كان يُسمع على سطحه الاذان خمس مرات في اليوم اصبح اليوم تُسمع في جنباته رنات كؤوس الخمر وقد اضحى خمّارة ويا حسرة على العباد، ولا حول ولا قوة الا بالله، لقد ابقى المحتلون البلد كما هي وحولها الى "قرية للفنانين" لينعموا بجمال الكرمل الساحر الاخّاذ.

هذا البيت كان لأحدهم يوما ما اليوم هو عيادة "كوبات حوليم"

جُبنا في اطراف القرية، انها قرية توقفت بها الحياة تماماً، فهي كما لو كانت متحف طبيعي يخلّد ذكرى اناس عاشوا فيها قبل حين من الدهر، ببيوتها وبيادرها وشوارعها وازقتها، بيوتها الجميلة التي تدل على مستوى معيشي عالي لأهلها وقد كانوا يعلمون موظفين وعمال وتجار في مدينة حيفا،

شارع من عام 1948 كما هو

الحديقة امام البيت : الحاكورة ، منظر مألوف لكل بيت عربي

لا وجود للغة العربية في عين حوض العربية

بيوت عين حوض مصنوعة من حجر "قسم" من النوع الفاخر تدل على مستوى معيشي راقي


وهؤلاء وابناؤهم واحفادهم ان أتوها اليوم يأتونها زائرين، لا حق لهم فيها، ولكن ابا احمد علّمنا كيف ينبغي لنا ان نكون نحن الاصل واصحاب الحق وكيف ينبغي ان ننظر الى سكانها وروادها اليوم الذين حلوا محل اصحاب الحق، على انهم هم الاغراب لا نحن!!
لطالما تردد في ذهني وعلى لساني قول الله تعالى :" كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ " (الدخان 25-28) وانا اطوف شوارع القرية ، (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ) ينبغي السؤال لم ورثها قوم آخرون؟
اننا والله اليوم لسنا بأكرم على الله من اهل عين حوض الـ48، فلسنا بأفضل حالا منهم، فوالله ما ضاعت الديار الا عندما هُنَّا على الله واصبحنا بلا قيمة في عين الله، فلأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم مسلم، وقد أريقت دماء المسلمين وطردوا وشردوا، فكيف هذا الهوان؟؟ ان الله منزّه عن كل عيب أو نقص فالعيب كل العيب فينا نحن..
يوم ان تركت الامة سرَّ خيريتها ، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، هُنّا على الله، قال تعالى:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (آل عمران110). عندما تركت الامة النفير في سبيل الله ، وتشبثت بالحياة الدنيا واثّاقلت الى الارض، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التوبة 38-39)،
ان أكثر ما ابتليت به الامة هو فتنة المال والنساء، وقد سقطت بالامتحان فسقطت الأمة من عين الله فاستحقت العذاب الأليم (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) وهل اشد إيلاماً من ان يستبدلك الله في ارضك وديارك ودارك (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ) وانت تنتمي لخير امة، تنتمي لأمة عزيزة ، ويستبدلك الله بالمغضوب عليهم!!! وهل هناك اعظم ذلاً من هذا...
نحن لسنا اليوم بأكرم على الله من اجدادنا، طالما لم نحقق سر الخيرية، ولم ننفر في سبيل الله بانفسنا واموالنا واوقاتنا وجهودنا لنشر هذا الدين علما وعملا وتطبيقا وتحكيما فيما شجر بيننا ونسلم تسليما لأوامر هذا الدين، قال تعالى:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " (النساء 65)