30‏/12‏/2009

التربية للأمومة (4): تربية للجلباب

تربية للجلباب

أحكام الإسلام جاءت للتنفيذ وللتطبيق وليست للاستشعار العاطفي فقط، وكم من الآباء أو الأمهات أو الفتيات مروا على هذه الآية (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..).. وهم يعلمون أنها من القرآن الكريم وأنها من عند الله، واجبة التنفيذ، وهم أناس ملتزمون، أو على الأقل يظنون أنفسهم كذلك، ولكنهم وقفوا عندها متلكئين عن التنفيذ، يشعرون بالعجز عن تنفيذها.

كم من أب أو أم كبرت بنتهم وأصبحت صبية، وهم لا يزالون محتارين، هل نلزمهما على الجلباب أم ننتظرها حتى تقتنع؟ والأم تقول أن لا أجوبة عندي لابنتي التي تريد منا أن "نحل عنها" فكما انكِ أيتها الأم لبست الجلباب متأخرةً أن دعيني وشأني، حتى أقتنع! وألبسه عن قناعة....

وكم من أب وأم ألزموا بناتهم على لبس الجلباب ولكنهن لا يضيعن أي فرصة للتخلص منه أو جزء منه: في رحلةٍ مدرسية، في عرس أو أي مناسبة عائلية، فلا تتورّع الفتاة في تحويل الجلباب إلى شيء يشبهه: مزركش، مفتوح، ليبين البنطلون، وأما الرأس فمغطى بشال رقيق شفاف ليبين الشعر أو الأذنين أو كلاهما معاً، والأب والأم محتارون ماذا نفعل، ويعزُّون أنفسهم "هيك ولاّ بلاش"!!

إن ظاهرة "الشال مع البنطلون"، يجب أن تستوقفنا، فكم من فتاة تلبس هذا المسخ، وتظن نفسها أنها على هدى، وتعد نفسها من "المتدينات"، هذه الظاهرة ليست قديمة، فما اذكره أن الفتاة إما أن كانت تلبس الجلباب أو لا، أما شريحة المحافظين فألبست بناتهم "ربطة" وهي منديل صغير على الرأس، أما اليوم فمسخ أصاب الأمة، رأيته في كثير من المدن العربية في البلاد وخارجه...

يا أخوتي، تعالوا نعترف، لقد ضُربنا نحن الآباء والأمهات في مقتل بعمليتنا التربوية للجلباب، وطبعاً حديثي هذا لمن كان الأمر يهمه، شريحة الملتزمين. وعندما أقول "العملية التربوية للجلباب" اعي معنى الكلمة وأبعادها، نعم، يجب أن ننظر إلى الجلباب على انه عملية، مشروع، وليس بالأمر الهيِّن. ودعونا، رجاءً، من العواطف والمشاعر والأحاسيس، "أنا بركن على بنتي"، "أنا ربيت بنتي مليح"، "بنتي خجولة وأديبة"، هذا كله هراء، سذاجة، وهبل، فمن قال لكَ أيها الأب ولكِ أيتها الأم إنكما لستما الوحيدان في الميدان؟؟ ميدان التربية!!

ابنتكم هذه مسكينة غير محصّنة، لوحدها، لتواجه تيار جارف أسمه التلفزيون بمسلسلاته العربية والأجنبية والمدبلجة، تسونامي خطير أسمه النت بتشاته، وماسنجره، ومواقعه وخدماته المختلفه، إن ابنتك تتأثر، من حيث لا تدري، بقيم وثقافات دخيلة عالمية، قوامها التحرر والانفلات وثقافة "الخوش بوش"، حيث ضربت قيم مثل العيب والممنوع، ضربوا الحياء، بطريقة منظمة ومدروسة، يجب أن تعي أخي وأختي المربيين ذلك، أنت لن تستطيع أن تلزم ابنتك التي تربيت على يد هؤلاء إن لم تكن لكم أيضا خطة مبرمجة لابنتكم، لا أريد لك أن تكون "الحاج الذي يصلي بالصف الأول وابنته متبرجة"، وتقول "مغلوب على أمري" عليك أن تدرك نفسك!

إن للتربية للجلباب خطوات عملية:

1. التزام الأم بالجلباب، ابتداءً، فحجر الزاوية في العملية التربوية هي التربية بالقدوة.

2. يجب ان تُربى البنت على الحياء وهي الخطوة الاولى للجلباب، يجب ان تُنشَّأ البنت على الانتباه لتصرفاتها فيما يليق وما لا يليق.

3. تقوية وازع العقيدة الراسخة، والامتثال والطاعة لله ولرسوله.

4. ربط البنت بنماذج عملاقة من الصحابيات وعلى رأسهن أمهات المؤمنين كقدوة.

5. على الأب والأم الاهتمام بوجود جلسة يومية تعليمية تربوية لكل العائلة، صغيرها وكبيرها، تقرأون فيها من كتاب، وانصح أن يكون في هذه الجلسة ما يجذب الأبناء الصغار منهم من مأكول ومشروب.

6. ضع أمامك أن الانتقال إلى الجلباب مرة واحدة خطوة عسيرة وصعب الاستساغة عند البنت، لهذا انصح أن تكون في البداية تغطية الرأس والتدريج للجلباب بحيث يكون الحد الفاصل الانتقال من الابتدائية إلى الإعدادية، بداية الصف السابع، لأن ذلك يسهِّل على النفس استساغة التغيير لان البنت ستطور روابط جديدة غير تلك المألوفة من فترة الابتدائية.

7. انصح أن تلبس البنت الجلباب مرة واحدة، في المرحلة الانتقالية، وان لم يكن بالمستطاع فلبس القطعتين : قميص وتنوره الساترتين المحتشمتين كخطوة بين الشال والبنطلون الذي كانت عليه في الابتدائية والجلباب، الذي يوجبه بلوغها.

8. أرجوكم لا تظلوا تنظروا إلى ابنتكم على أنها البنت الصغيرة الدلوعة حتى ولو كانت في الثانوية ومنهم من لا زالت ابنته صغيرة وان كانت بعد الثانوية، ، هي صغيرة بأعينكم وهي بذلك تنظر إلى نفسها أنها صغيرة فتتصرف وتلبس على أنها صغيرة، ابنتكم تكبر، الكل حولها ينظر إليها أنها كبيرة والذئاب البشرية كذلك، فاحذروا!

9. انتبهوا إلى ماذا تشاهد البنت من مسلسلات وحلقات، فهي عرضة أن يتعلق قلبها بعادات الكفار وأفكارهم ومشاهيرهم فاحذروا.

10. احذروا، من فرط حبكم لابنتكم، أن يكون حاسوبها وتلفزيونها في غرفتها لوحدها، فهي اضعف بكثير مما تتخيلون وكم فتاة بريئة وقعت فريسة لذئب بشري في لحظة ضعف.

11. احذروا من قوادح الحياء ، فلكم أعجب لآباء ملتزمون، بناتهم بالمرحلة الابتدائية، في صف الخامس والسادس، وهن على أبواب البلوغ ولا زلوا يذهبون بهن إلى المسابح مثلا، ويتعلمن السباحة!! البنت يجب أن تتعلم أن لا تخلع ثيابها خارج بيتها، انتم بطيبة قلوبكم تدمروا فتياتكم، أنكم تدمرون أهم شيء فيهن: الحياء!! وأظن انه يجب الانتباه إلى ما تلبسه البنات اللواتي بلغن الصف الرابع والخامس ، فادعوا أن يكون لبسهن أكثر حشمة مبتعدين عن لبس البنطلونات القصيرة والفالينات ذوات الكم الخيطي مثلاً. قد تقولون هي أمور بسيطة وتافهة والبنت صغيرة، أقول لكم هذا يندرج من ضمن المشروع والخطة للجلباب.

أخوتي أخواتي، هذا رأيي وهذا اجتهادي، لكم أن تقبلوا ولكم أن تردوا، لكم أن تقبلوا ما شئتم منه وان تردوا ما شئتم منه، المهم أن لا تأخذوا مسألة لبس الفتاة للجلباب على أنها مسألة بسيطة وسطحية.

هذا اجتهاد مني، إن أصبت فهو توفيق من الله، وإن أخطأت فهو من نفسي، ومعذرة إن غفلت عن ذهني نقاط أخرى أرجو منكم إثراءنا بها من خلال تعقيباتكم الكريمة.

يتبع

26‏/12‏/2009

موعظة



::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

24‏/12‏/2009

التربية للأمومة (3) : التعليم سلاح المرأة

التعليم سلاح المرأة

في مجتمع ظالم أهله، المرأة فيه ممتهنة لا قيمة لها ولا وزن، لا يحق لها ان تحمل نقوداً، عوضاً عن أن تتملك شيئاً، إن مات عنها ولي أمرها، قد تموت من الجوع، فلا أحد ينظر إليها، ضعيفة مهمّشة، تنتظر من العيد إلى العيد حتى العيد ليأتي محارمها لتقبض منهم "العيدية" لأن هذا هو المبلغ الوحيد الذي بإمكانها أن تتملكه خلال العام.. فهي غرضٌ من الأغراض.

المرأة مهمتها في هذا المجتمع أن تكون خادمة للرجل: الأب، الأخ، الزوج والابن، هم السادة، يتجبرون يأمرون وينهون وهي التي تحضِّر لهم الطعام وتأتي به حتى أقدامهم، تأتي بالماء تحمله على رأسها وقد قطعت به مسافات طويلة وقد ملأت الجرة الثقيلة من بئر بورين أو بئر باقة، ومنهن من تخرج للعمل في الحقول ومنذ نعومة أظافرها، والأب ينتظر الغلة ليأخذها منها ظلماً وعدوانا، و"يخلف عليه" أن سمح لها أن تتعلم حتى الصف الرابع لـ"تفك الخط"، المرأة التي كفل لها الشرع حقوقها ورعاها، عاشت مقهورة كيف لا وهي تعيش في كنف من أحكموا العادات والتقاليد حتى أصبح سلطانها أقوى من سلطان الكتاب والسنة، فلا ميراث يوزّع بالقسط، ولا عدل بين الأبناء والبنات، عدا عن أنها خسارة مادية لأبيها الذي بتفكيره هو يغذيها ويسمنها حتى تعطى زوجة إلى احدهم يوما ما.

على هذا عاش مجتمعنا قرون طويلة من الزمن، وقد نُحِّيَ شرع الله جانباً وطُبق شرع "عبد الله"، قوانين العيب فاقت قوانين الشرع الحنيف، مع تغليف قوانين العيب بشيء من المسحة الدينية، المرأة فيه ضعيفة لا وزن لها، حتى هبّت ريح سموم من الغرب، أن قم بنا نحرر المرأة من قيودها فإذا بالبناء الاجتماعي الذي بُني على قواعد هشّة قوامها العادات والتقاليد تنهار في وجه هذه الريح، فلا جد جدي قد تخيّل أن سيأتي اليوم تزاحم المرأة الرجل في ميادين العمل المختلفة؟ ولا أظنه تصوّر أن سيأتي اليوم الذي تسافر المرأة لوحدها خارج البلد وتبيت خارج البلد لا بل خارج البلاد، ولا أظنه تخيّل أن تصبح المرأة العاملة الموظفة المتعلمة هي المرأة ذات المستوى الاجتماعي الراقي وأصبح من العيب لا منقصة أن تجلس المرأة في بيتها، لقد انقلبت الموازين والمعايير فما كان منكراً يوماً ما أصبح اليوم معروفاً وعرفاً وعادةً!!

لقد هوجم المجتمع المسلم في وضع لم يكن مستعد للمقاومة، بمفاهيم دخيلة غريبة عليه، مفاهيم أُريد منها أهداف خفية غير الأهداف المعلنة من تحرير المرأة من الظلم الاجتماعي الذي كانت تحياه، ودعونا نعترف أنها كانت تحيى ظلماً اجتماعياً ولا شك، وقد عرضنا نبذة منه، ولكن الأعداء عندما جاءوا بأفكارهم وقد عرضوا الظلم الذي حل بالمرأة على أنه بسبب الدين الإسلامي، مع أن الدين كنظام يضبط حياة الناس منحّى جانباً منذ مئات السنين عن حياتهم ولا احد يأبه به، وأصبحت تضبط المجتمع المسلم موازين أخرى مبنية على العادات والتقاليد لا علاقة لها للشرع لا من قريب ولا من بعيد! فلو كان المجتمع المسلم محصّن بعقيدة راسخة وإيمان سليم ما هزته دعوات تحرير المرأة، لأنهم ما أرادوا من هذه الدعوات غير ضرب المجتمع المسلم بركنه الأساسي وهو المرأة، أخرجوا المرأة من بيتها لتنشغل بالتعليم والعمل عن مهمتها الأولى وهي التربية، يسعون بشكل مبرمج لكي تخلع المرأة المسلمة ثوب الحياء والحشمة الذي توارثته جيل عن جيل، "فلِمَ نساؤهم متسترات ونساؤنا عاريات ؟" هذا من غيظهم وحقدهم علينا، فلكم تغيظهم حشمة نساءنا؟ وما منع الحجاب بفرنسا عنا ببعيد!

لقد كان تعليم المرأة حتى الصف الرابع تفضُّلاً ومِنة، وهذا طبعاً خطأ ومرفوض، أما اليوم فمن يجرئ أن يُقعد أبنته في البيت من غير تعليم، مع ما في المدارس من مظاهر انحلال خلقي رهيبة؟ أصبحنا نربي بناتنا على مفهوم "التعليم سلاح المرأة" وأصبح هذا المفهوم من القوانين التي لها سلطان أقوى من الشرع، فأصلا الشرع منحّى جانباً ولا يلتفت إليه احد، فالمرأة عندما تنظر إلى الوراء تجد القهر والحرمان فكيف لها ان لا تتمسك بهذا القانون "التعليم سلاح المرأة"، فتربي الام ابنتها أن واجب عليك ان تتعلمي وتنهي تعليمك الثانوي والجامعي، ولا يهم إن تناقض هذا مع مفاهيم مؤصَّلة من الشريعة:

اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فالبنت لا تفكر بالزواج مطلقاً لان لها اهداف أخرى غير الزواج على أجندتها تريد ان تتعلم حتى "الرمق الاخير"، فلا تتوقف لا عند اللقب الاول ولا الثاني.

تسافر لوحدها وتبيت لوحدها خارج البلدة أيضاً وبلا محرم، فالغاية تبرر الوسيلة وفق قوانينها وعُرفها، فالتعليم سلاح المرأة.

اختلاط النساء بالرجال وهو مرفوض شرعاً.

المهم هو ان تأخذ الشهادة لتتوظف. إن نافست المرأة الرجال، اختلطت بالرجال، فلا يهم،إن وضعت الشرع وقوانين السماء جانباً، فلا يهم، المهم أن تحقق ذاتها، أبناؤها تركتهم في مفاقس الأطفال، لا يهم، بلا حنان ولا رعاية، لا يهم... المهم أن تحقق المرأة ذاتها وتُثبت انها قادرة... ومعها الان المجتمع كله من وراءها يؤيدها ويآزرها ويقدم لها الدعم المطلوب، حتى أن أسهم المرأة المتعلمة الموظفة أصبحت غالية في "بورصة النساء"، فمن كانت ابنته متعلمة وموظفة ومثبّتة في عملها أصبح ثمنها غالٍ جداً لا يُقبل لها بأي عريس، وأصبحت المرأة التي نذرت نفسها لزوجها وأبناءها في قاع السلم الاجتماعي، مع أن الشرع وضع للمرأة مهمة واحدة أساسية : رعاية شؤون بيتها زوجها وأبناءها وما يأتي بعد ذلك لا يكون على حساب هذه المهمة، ولكن من ينظر اليوم إلى قوانين الشرع؟... بالله عليك!!

البنت الصغيرة تنشئ وينادى عليها "بالدكتورة"، جاءت الدكتورة وراحت الدكتورة، تنشأ وتُنشّأ على أنها دكتورة، وما ان تصل إلى الثانوية فمن البديهي أن تكون الكلية أو الجامعة استمرارية طبيعية لها، ومَن هذا الذي يجرؤ أن يقول خلاف ذلك، وهل أكون ناقصة؟ وشهادتي الثانوية التي تعبت لأجلها "إتروح مني عَ الفاضي"؟ وستقول نفس الجملة "إتروح مني شهادتي الجامعية عَ الفاضي؟" ...أما الشرع فلا أحد يسأل به ولا عنه!!

أنا ادع ، وبوضوح، الى ان نعود الى الوراء !! ولكن أي وراءٍ هذا؟ ليس الذي هو قبل خمسون ومائة سنة، الامة الاسلامية تعيش في حالة من التيه والضياع والبعد عن تعاليم الشره منذ قرون نحن نريد ان نرجع الى الوراء بعيداً الى تعاليم جيل النصر والتمكين ... إنه جيل الصحابة!! نحن بحاجة إلى إعادة النظر في أولويات تربيتنا لبناتنا وماذا نريد منهن،ومن نرضي ربنا وشرع ربنا أم شرع العادات والتقاليد التي تتغير بتغير الزمان والمكان؟ هل نريد منهن ان يكن أمهات المستقبل من يعددن الجيل القادم جيل النصر والتمكين أم نريد منهن ان يكن موظفات المستقبل؟

يتبع

17‏/12‏/2009

التربية للأمومة (2) : "مفاقس" الأطفال

"مفاقس" الأطفال

تقوم الدجاجة البيتية بجمع عددا من البيض لترقد عليها 21 يوم بالتمام والكمال وبعدها يخرج الصيصان الحلوين لتعتني بهم، تعلمهم الأكل والشرب وتدربهم على مهارات الحياة المختلفة، تعلمهم من العدو ومن الصديق، وآخر النهار ترقد الصيصان تحت كنف الأم لتضفي عليهم من حنانها...
وجاء الإنسان فراقب الدجاجة وتعرف على آلية رقودها على البيض فعرف أنها ترقد فترة محددة هي 21 يوم لا أكثر ولا اقل، وعرف أنها توفر للبيض درجة حرارة محددة، ومستوى رطوبة ثابت، والدجاجة تقوم بتقليب البيض بشكل دوري، فكّر الإنسان الحديث بعقله المادي المبني على المنفعة والمصلحة فأتى ليقلد عملية رقود الدجاجة على البيض حتى فقسها. فبنى جهاز يوفر للبيض دراجة حرارة مناسبة ومستوى رطوبة معين ولا يكفي بل لا بد من تقليب البيض لأن الدجاجة الحقيقية تقوم بذلك، هذا الجهاز هو مفقسة البيض.
عقل الإنسان المادي أرشده أن الدجاجة الواحدة في أكثر الأحوال تستطيع ان ترقد على 21 بيضة، فقال لماذا لا نضاعف عدد الصيصان (دجاج المستقبل)؟ فلحم الدجاج لذيذ، ورخيص مقابل لحوم البقر والغنم ومطلوب فبدل ان ننتج بشكل طبيعي عشرات الصيصان لماذا لا ننتج مئات لا بل آلاف الدجاج بشكل ممكنن؟ وهذا ما حدث يؤخذ البيض من الدجاجة ويُحفظ في مفاقس ليتم إنتاج الصيصان بآلاف، ويتم تربية الصيصان بلا أب ولا أم إنما في مزارع دجاج تُطعَم وتُسقَى وتُسمَّن بلا مهارات حياتية فلا هدف لها من حياتها غير أن تكون في نهاية المطاف لتلبية جشع الإنسان المادي وطمعه.
هذا الإنسان المادي المنغمس في ماديته، هو يعمل على مدار الساعة، زوجته موظفة، معلمة، طالبة جامعية، الخ... لا وقت لديهم لصيصانهم الذين أنجبوهم لأنهم جزء من المتعة المترتبة من الزواج ليصبحوا العرقولة أمام تقدمهم في العمل والتعليم والحياة، فكان لا بد لهذا الإنسان من ابتكار اختراع ينسجم مع حياته إنها "مفاقس الأطفال"، وباسمها الدارج حضانات الأطفال!!!
تقوم الأم بعد انتهاء مدة إجازة ولادتها، وهي ثلاثة أشهر، بإرسال الصوص الطفل إلى المفقسة الحضانة تبتسم له ابتسامة صفراء وهي أصلا لا تفكر به إنما تفكر كيف إنها تأخرت عن عملها وماذا سيقول لها مديرها؟ في المفقسة الحضانة يوجد كل شيء ينفع الصوص الطفل حتى يكبر: درجة حرارة ملائمة، أكل، شرب، شيء من الألعاب فالطفل لا بد أن يلعب، يسمن الطفل ويكبر لينتقل إلى مزرعة الدجاج، انه ألان في المدرسة والأم منشغلة لا وقت لديها لتجالسه وتضفي عليه من حنانها وتسمع مشاكله وآهاته ، ما يهمها هي وزوجها أن تكون شهادته الفصلية مشرّفه لان شهادته هي جزء من إشباع شهواتهم، شهوة التفاخر أمام الأقران في العمل، بالإضافة إلى "المتخلفين" من أمثالي الذين يطالبون بعودة المرأة إلى بيتها من جديد، أن انظروا إلى ابني المتفوق، وكيف ان لا تعارض بين عملنا وتفوق الأبناء وشهادة الولد أكبر دليل، فتراهم يغمرون الصوص الكبير بالدروس الخصوصية والدورات التعليمية في مرحلة مزارع الدجاج من حياة الصوص الطفل، يتعلم الصوص الكبير اللغة الانجليزية والموسيقى وغيرها، فهو يعزف على الكمان والبيانو ليقوم هذا المسكين بإشباع شهوة الأب والأم بالتفاخر أمام القرايب والحبايب، اسمعنا يا صوصنا الحبيب الأغنية بالانجليزية، واعزف لنا يا صوصنا الحبيب، فمسكين هذا الصوص قد تحوِّل وللأسف إلى مهرِّج يفرح قلب أباه وأمه والذين قد نفشا ريشهما زهوّا وفخراً... ونسيا أهم شيء ان صوصهما اللطيف "النغنوش" هو "إنسان" !!
هذا الطفل الذي ولد ليس مجرد شيء، انه كيان له مشاعر وأحاسيس، انه عالم كامل متكامل، يريد منك أيتها الأم الحب الحقيقي لا الابتسامة الصفراء، يريد منك أيها الأب أن تكون أباً وليس بنكاً، يريد منكم أن تجالسوه وتكلموه ، يريد حنانكم، فمعلمة الروضة هي في النهاية ليست أمه ولو حاولت جاهدة أن تعطي من حنانها فإنها ستقسّمه على عشرة أو عشرين أو أكثر من الصيصان الأطفال!! هذا الطفل عندما يكبر تكبر معه همومه ومشاكله وأشجانه وتجاربه يريد منكم أن تعلموه المهارات الحياتية، لا أظن أن معلم الرياضيات أو الانجليزي الخصوصي سيعطي ابنكم هذا الذي ينقصه الحنان، الأذن الصاغية، الأمان والاهتمام.
يكبر الصوص الطفل، ليصبح شاباً يافعاً في جيل المراهقة، وقلبه فارغ من الحنان والرحمة، فكيف له منهما وهو لم يكتسبهما من أحد، فكم الآباء والأمهات الاصطناعيين كانوا له، غير أبويه البيولوجيين، ينشئ متشتت الفكر ضائع حائر، لا يثق بأحد غير أصحابه الصيصان المساكين مثله، ثم يبدأ الوالدين وهما لا زالا بطريقة تفكيرهما المادية، يقوما بمحاولة تعويض مادي عن الحنان والمشاعر المفقودة الجامدة تجاه الأبناء، من خلال مشتريات استغرب منها لشباب بجيل الثانوية: ملابس باهظة الثمن، هواتف خلوية من آخر صيحة، تركتورونات والقائمة تطول، وصدقوني بأن لا شيء يرضي هؤلاء المساكين...
أخوتي أخواتي، نحن بحاجة إلى إعادة جدولة للأهداف التي تقوم عليها البيوت والأسر، نريد إعادة صياغة للأهداف والأولويات من حياتنا وأبناءنا.. فالواقع الحالي والأتي لا ينذر بخير... وأساس عملية التغيير يبدأ من الأسرة.
يتبع..

16‏/12‏/2009

التربية للأمومة (1): الحاجة لإعادة صياغة الأهداف

الحاجة لإعادة صياغة الأهداف

في كليات التربية يُعلمون مساق تحت مسمى: "التربية للقيم"، واليوم يتحدثون عن دورات إعداد القادة، فكرت أن أكلمكم اليوم عن موضوع غاية في الأهمية وهو دورنا كآباء وأمهات في إعداد أمهات لجيل المستقبل، ألم يقل الشاعر يوماً ما:

الأم مدرسة إذا أعددتها**** أعددت شعبا طيب الأعراق

الأم حجر الزاوية في مشروع إعداد جيل المستقبل، أنا أتساءل هل نحن، وأنا أولكم، هل نربي بناتنا ليكنَّ أمهات... بكل ما لهذه الكلمة من معاني؟ هل أمهات اليوم هنَّ مؤهلات فعلاً ليكنَّ مدارس يعددن شعباً طيب الأعراق؟

ان من البديهي اليوم لكي تُعطى رخصة سياقة، لا بد لك من تعليم سياقة مكثف ومرهق مع معلم سياقة يلازمك ، ولتكون طبيباً تعالج الناس لا بد من مشوار طويل من التعليم، وكذلك كل الحرف والمهن، أتساءل.. هلا ينبغي للشباب وللفتيات المقبلون على الزواج من إعداد لأهم مشروع ألا وهو تربية الأولاد، هل هم جاهزون فعلاً لهذه المهمة العظيمة؟ هل هي من صُلب اهتماماتهم فعلاً؟ وأنا اليوم أتيت لأخصص البحث في مجال تربية الأولاد بإعداد الأمهات وأسميت الموضوع :"التربية للأمومة"..

أقف متسائلا، لا بل محتاراً، هل نساء هذا الزمان يجعلن الامومة والتي أعرِّفُها بمهمة اعداد جيل المستقبل نحو الأفضل في أولى أفضلياتهن؟ لا تتعجلن ايتها الامهات بالاجابة فأنا لا اقصد بالامومة عملية تسمين الابناء بالطعام الطيب المذاق ولا بتلبيسهم افضل الملابس لم اقصد هذا ولا ذاك انما العملية التربوية الخاصة بغرس القيم والمعاني للحياة والاهداف السامية .... فأنا أعلم انكن لا تبخلن على أبناءكن بالذ وأشهى الاطعمة وتلبسنهم أجمل وأفخر انواع الملابس ولكن اهتمامكن باعداد هذا الولد ليكون قائداً في المستقبل، هل انتن مثل هند عندما قالت في حق ابنها معاوية عندما قيل لها ان ابنك هذا سيسود قومه قالت ثكلته امة ان ساد الا قومه، أي انها تعده ليسود العالم... هل عندك من ابنك طموحات ليكون عالماً مثلاً... هل عندك خطوات ودراسة عملية لذلك، اخرجي من المشاعر والاحاسيس وفكري بخطواتك العملية التي تقومين بها؟!

وانت ايها الاب هل اخترت زوجتك أم ابناءك لان عندك طموح ليكون لك ابناء من نوعيات خاصة مع تطلعات عالية، أم كيف اخترت زوجتك ابتداءً؟ هل اخترتها لانها موظفة مثلاً لتنفخ دخلك الشهري؟ أم اخترتها أو أُختيرت لك لانها من قرابتك وكما يقول المثل "ما ينزل بنت العم عن الفرس الا ابن العم"؟ أم انك سُحرت بجمالها وأخشى ان تعارفك عليها كان عبر ماسنجر او تشات؟

ايها الزوج والزوجة... لا يهمني الماضي ... دعونا الان وانتم تنظرون الى هذه المخلوقات المسكينة التي اودعها الله أمانة في اعناقكم، هل عندكم رؤية لتربيتهم غير اطعامهم وسقيتهم وتلبيسهم وايجاد المأوى لهم؟

هل تهتمون ان تجالسوا هذه المخلوقات المسكينة وتكلموهم؟ أم ان التلفزيون أخذ حيزاً كبيرا من حياتكم؟ هل تلاعبوهم؟ اتظنون ان التربية هي عبارة نزهة؟

ان المنتج الذي بين ايدينا اليوم من شباب وصبايا تائهون حائرون ضائعون بلا طموح وبلا آمال، بلا قيم ولا احترامات ولا تقديرات، كل هذا لا بد ان يجعلنا نقف لنفكر هل نحن نربي بشكل صحيح؟ هل نحن نربي اصلاً؟ هل زواجنا هو لمجرد قضاء وطرنا؟ أم هو لضرورة اجتماعية؟ وإن لم يكن لاعداد جيل جديد افضل حالاً منا فلم الزواج من اصله؟

نحن الملتزمون نريد من بناتنا ان يرتدين الجلباب عندما يبلغن، فهل نحن فعلا نقوم بعملية التربية للجلباب؟ الا نربي اليوم بناتنا ان التعليم هو سلاح المرأة فإذا ببناتنا لا يفكرن بالزواج انما تريد ان تحقق ذاتها وتريد ان تنافس و تكافح وترى ان الزواج والابناء عرقولة في طريقها؟ أليس كذلك؟ لا بد ان الاهداف منذ البداية غير واضحة المعالم!!!

لا بد من اعادة صياغة لاهدافنا :

لماذا نتزوج اصلاً؟ ولماذا ننجب ابناءً اصلاً؟ وعلى ماذا نربيهم؟

نحن بحاجة لاعادة صياغة رؤية لعملية تربية الابناء واهمها عملية اعداد امهات المستقبل.... التربية للامومة.

يتبع...

10‏/12‏/2009

"أنا لست أسداً…. أنا خروف!!"

الاسود بطبيعها وغريزتها وشكلها، حيوانات مخيفة، هكذا خُلقت، خُلقت لتحكم الغابة، فألاسد ملك الغابة، هكذا تعلمنا منذ طفولتنا، وديسني علمتنا ايضاً أن الاسد (سيمبا) هو ملك الغابة!
والخروف حيوان وديع أليف، غير مؤذي، يحب الحياة، وهو لربما يعرف أن صاحبه يسمِّنه ليذبحه يوماً ما، أو لربما ليأتي الصغار يداعبون شعر الخروف ويطعمونه وهو بدوره يبادلهم الود والالفة... مـــآء.... مــــآء....
يُحكى أن أسداً، ملك الغابة، ولدت له زوجته شبلاً، هو وريثه يوماً ما، وقد اهمل أبنه وتركه يعيش بين الخراف، كَبُر الشبل بين أصدقائه الخراف، فتطبَّع بطبائعها فاصبح يأكل الحشيش ويثغِّي مثلها ... مـــآء.... مــــآء....
يوماً ما.. وقف الاسد على ظهر تلةٍ يشرف على مملكته واذا به يرى منظراً غريباً غير مألوفٍ.. أسد مع فروته يتنطنط ويلهو ويلعب مع الخراف... ويأكل معها العشب.. أنه ابنه الشبل الذي كبُر وأصبح أسداً... جُن جنون ألاسد الملك ... فكيف بولي العهد.. الاسد أبن الاسود يصل به الحال الى هذا المآل؟؟؟.. لقد أصبح خروفاً..
وثب من على تلته الى مجموعة الخراف والاسد الشبل، وعندها ومن الطبيعي أن تهرب الخراف... ولكن الاسد الشبل هرب معها.... "الى أين؟ لم تهرب مني؟" صاح الاسد... "أنا خائف منك!"... "خائف مني؟!.. أنت أسد أبن ملك الغابة.. وتقول خائف!!"
"أنا لست أسداً.... أنا خروف!!!"... أجاب الاسد الشبل ... مـــآء.... مــــآء.... وانطلق يثغي كما تفعل الخراف!!
"يا بني ما هذا الكلام؟... أنت أسد أبن أسد !! تعال معي .. وذهب به الى النهر .."أنظر الى هنا".. نظر الاسد الشبل الى النهر ليجد صورته .. أسدٌ كبيرٌ مع فروة عظيمة.. واذا به يندفع الى الوراء خائفاً وقد ولّى ولم يعقِّب ...
"أرأيت يا بني... أنت أسد ابن أسد.. من عائلة أسودية عريقة... أنت معدٌ لتحكم الغابة... ما ينبغي لك أن تعيش خروفاً... تثغي مثلها ... وتتنطنط مثلها... هذا غير ملائم لك انت لست لهذا خلقت.. تعال يا بني اعلمك الزئير والصيد من جديد"
تعلم الاسد الشبل الزئير والصيد ... وعندما عاد الى اصدقائه النعاج ... زأر أمامها فولت هاربة...
يا أيها المسلم، يا أيتها المسلمة.. انت أسد أبن أسد.. آباؤك وجدودك أسود... أنت ابوك حمزة بن عبد المطلب وخالد بن الوليد وبلال وصهيب وسعد ومعاذ... وانتِ يا اختي أمك... فاطمة الزهراء وعائشة وخديجة... لم أراك يا أيها الاسد ... تتصرف بما لا يليق أسوديتك...
لِم أراك تتمايل على أنغام الفيديو "كلاب"؟ لِم أراك هائمٌ بعشق هذه المغنية أو ذاك اللاعب؟ ولِم تلبس هذا البنطال "المسحْوِل" كما يفعل "الهبيز" في أمريكا؟ ولِم ذهنك مشغول؟ ولِم عيناك حمراوتان أليس من السهر حتى بعد منتصف الليل على الاراغيل والدخان والشرب ؟ أيليق بأسوديتك يا أيها المسلم؟ وأنت يا ايتها المسلمة لم تلبسين مثل الكافرات؟ ولم هذا المكياج؟ ولماذا انت حتى هذه الساعة المتأخرة لم تعودي الى البيت؟ ألم تفطني أن لك زوجاً وابناءً لهم حق وواجبٌ عليك؟ أين دورك يا أختاه في أعداد الاشبال ليكونوا أسود المستقبل؟
انظر يا أخي الى النهر لترى من انت ... أقرأ التاريخ ... لتتعرف الى أمجادك... فلك أمجاد وأجداد ...لتتعرف الى ربعي بن عامر حين واجه ملك الفرس ودخل خيمته بفرسه وجلس الى جانبه واجاب ملك الفرس حين سأله "ما اخرجكم الينا".....فقال" جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة"
أنت أيها المسلم غدوت عبداً ... يريدون لك ان تكون عبداً... يريدون لك ان تكون خروفاً همك أن تاكل وتشرب وتتنطنط ... ولا غير ذلك .. خلقت لتسود الدنيا خلقت لتكون من الاعلَوْن ..
انظر الى النهر من جديد لترى محمد الفاتح ومحمد بن القاسم... وخير الدين بربروسا...
لقد خدَّروك ا يا أيها الاسد بالملهيات: بمواقع الانترنت التافهة، بالمسلسلات المدبلجة منها والغير مدبلجة التي تكرِّس عبادة الشهوات، بالفيديو "كلاب".. بالالعاب والمباريات والبطولات الوهمية في ساحات ملاعب كرة القدم... فأصبح هذا الاسد حبيس الشهوات وتمكَّن الاعداء من ان يتلاعبوا به لا بل ان يحسسوا على شعره وفروته فما عاد مخيفا كما كان يوما ما... يوم أن جيّش جيشاً لاسيرة عمورية.... فبإختصار شكله شكل أسد ولكنه أصبح يعيش كالخراف... همه تحقيق شهواته ونزواته فقط لا غير .... فما عاد مرعباً كما كان... يوم كان يُنصر بالرعب مسيرة شهر..
يا اخي الاعداء يتوقعون لهذا الاسد ان ينظر يوما ما في النهر ليصحو... فتراهم يضاعفون من جرعات التخدير: مواقع الانترنت، البرامج الهابطة، الحلقات التلفزيونية...
أنت يا اخي يوم ان تقرر ان تعود لأسوديتك كما عاد الاسد الشبل ستصبح مخيفاً كما فرَّت الخراف منه عندما زأر أمامها ... فهم يخافون منك ومن لحيتك يا ايها المسلم الاسد ويخافون من حجابك يا ايتها المسلمة .. لا بل حتى أنهم يخافون من شكل مآذننا فيريدون منعها في بلادهم...
أرجو منكم ومن خلال التعليقات التفاعل مع الموضوع لعلي بذلك أطمئن أن العبرة قد وصلت.

30‏/11‏/2009

أروع المحاضرات التي سمعتها في حياتي

أيها الباحث عن الحق، أريد أن اختصر عليك الطريق كثيراً، إليك سلسلة من المحاضرات للشيخ محمد حسين يعقوب تحت عنوان "أصول الالتزام" وهي مجموعة من ثماني محاضرات، لا أبالغ إن قلت أن هذه المحاضرات أحدثت عندي انطلاقة وتغيير عجيبين، أقدمها بين أيديكم، فالدال على الخير كفاعله.

هذا الرجل الشيخ محمد حسين يعقوب، رجلٌ صاحب تجربة وخبرة ممتدة الى أكثر من ثلاثين سنة من العمل الدعوي، رجلٌ صاحب تضحية، وهؤلاء أياً كانوا أحترمهم...

أخي الباحث عن الحق... أنصحك أن تختصر على نفسك البحث ... فلا حاجة لاختراع العجلة من الجديد فقد أٌخترعت ذات مرة... تقدم الى الامام... غيرك قام بالبحث ووصل ... إن شئت اسمع لنصائحهم وتجاربهم لربما بذلك يختصروا عليك الطريق .... فلا يوجد لديك الكثير من الوقت في هذه الحياة الدنيا... عمرنا قصير محدود ....

أخي الباحث عن الحق.. إن كنت لا زلت تتساءل مع من أكون؟ ومع أي جماعة أكون؟ أو مع أي حزب أكون؟ ستجد ضالتك في محاضرة (الجماعة).. أنصحك بالاستماع إليها...

أخي الباحث عن الحق... راجع نفسك هل أنت ملتزم حقاً؟ هل انتقلت من الظلمات الى النور ام انت ممن ينتقلون الى النور مع الظلمات؟ هل تخلصت من رواسب الجاهلية؟ أنصحك بقوة بالاستماع الى المحاضرة الرائعة (الحد الفاصل)..

أخي الباحث عن الحق .. هل لك خلوات مع ربك؟ هل أنت من أهل القرآن ؟ هل تستغفر الله، تسبح الله، تحمد الله كل يوم بالاف هذا زاد الثبات على الطريق.... أنصحك أن تكون مع محاضرة (التبتل) ....

هذه نصيحة محب هل تقبلها مني؟

30‏/10‏/2009

الحج عرفة والدين النصيحة والنجوى من الشيطان

كما الحج لا يصح بدون وقفة عرفة فـ (الحج عرفة) فالدين لن يصح بدون أن يكون عند المسلم النصيحة يسديها لإخوانه، فـ (الدين النصيحة) كما (الحج عرفة).

وإذا قرنَّا هذه المعلومة مع الآية الكريمة ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).

والنجوى هي السر بين الاثنين، فلا خير في النجوى عموماً إلا إذا كانت في حالات محددة حددها الله تعالى:

أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس وما عدا هذا وذاك فهو من الشيطان، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ)، وقد سبقتها الآية الكريمة التي تعزز هذا المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

الشاهد.... أن حال المسلم، إذا رأى أمراً خطأً، أو أصابه سوء من أخيه المسلم بأن يسدي النصيحة لأخيه المسلم. وهو، كما ذكرنا، ركنٌ مهمٌ لصحة دين المسلم كما وقفة عرفة ركن مهم أساسي لصحة الحج. ولكن إن حصل وقد توانى وقصّر في إسداء النصيحة فعلى الأقل أن لا يتناجى (أي يُسِّر القول) مع غير المعني بالنصيحة.

ولا أخفيكم سراً أن الواقع يشهد تواني أهل الدين ،وهم ملح البلد، عن إسداء النصيحة لبعضهم البعض، واستبداله بجلسات طويلة من القيل والقال، مستبدلين بهذا، الهدي الرباني بالنصيحة وضرورة المواجهة.

إذا لم يعجبك موقف ما واجه به أخاك أو على الأقل أصمت، لا تُدخل نفسك في دائرة المغيبة والنميمة، فما من نجوى لا يكون من وراءها فائدة: أمرٌ بصدقة، أو أمرٌ بمعروف أو إصلاحٌ بين الناس فهي من الشيطان.

كلامي موجّه ابتداء لنفسي، ومن ثم لأهل الدين، ملح البلد، فمن يصلح البلد اذا الملح فسد؟!

ملاحظة: أرجو أن تتواصلوا معي عبر التعقيبات لأعلم هل فكرتي وعبرتي وصلت أم لا.

20‏/09‏/2009

قصة أبو منخار

يقولون أن ملِكاً أصابه داء الغرغرينا في انفه (منخاره) وأشار الأطباء عليه أن لا بد من جدع انفه (قطعه) وإلا انتشر المرض في كل جسمه مما سيقضي عليه حتماً.. وافق الملِك رأي أطباءه وجُدع أنفه.

خرج الملِك إلى وزراءه وخدمه وحشمه بدون انف، فتلامز الوزراء وتغامزوا عليه، انتبه الملِك للهمز واللمز وقرر أن على كل الوزراء والخدم والحشم أن يجدعوا أنوفهم.. وجُدعت الأنوف.. حينها لا أحد يسخر من احد.

خرج الوزراء والخدم والحشم إلى الشعب، بلا أنوف، فتلامز الشعب عليهم وتهامزوا وتلامزوا وتهامسوا، انتبه الوزراء والخدم والحشم لذلك، فصدر القرار أن على كل واحد من الشعب أن يجدع انفه، لا بل على كل مولود جديد أن يُجدع انفه... فجُدعت الأنوف...

مر الزمان ودار ودورته واعتاد الناس على بعضهم بدون أنوف، فتوقف الهمز واللمز والتهامس والتلامز... ولكن بعد مرور فترة طويلة من الزمن عاد للمملكة رجل قد غاب عنها منذ زمن بعيد، وانفه مكانه.. دخل المملكة ودار في أسوقها... فإذا بالناس تنتبه أليه.. وترمقه بنظرات من الاستغراب ... وبدء الهمز واللمز والتهامس ... لا بل بدأوا يضحكون عليه ويسخرون منه ومن أنفه.... واطلقوا عليه لقب... "أبو منخار"!!

العبرة

قبل حين من الدهر كان الناس كلهم يطلقون اللحى ...لحىً طويلة مرخاة، وكان الناس يلبسون الثياب الطويلة (الدشاديش بلغة عصرنا اليوم) وكانوا يغطون رؤسهم اما بعمامة واما بقلنسوة (طاقية بلغة عصرنا اليوم)... وكانت النساء يلبسن الجلباب ويغطين وجوههن... ومن خرج على الناس حينها بدون لحية اطلقوا عليه لقب "أمرد" ومن خرج عليهم بسروال (يعني بنطلون بلغة عصرنا) قالوا له ستِّر على حالك، أما من خرج بدون شيء يغطي رأسه لقبوه بلقب "أمفرِّع"... ومن خرجت بدون غطاء وجه ... قالوا عنها سافرة!!!

مر الزمان ودار دورته وترك الناس اللحى الطويلة المرخاة وتركوا لباس الدشاديش ولبسوا الافرنجي وتركوا غطاء الرأس وتركت النساء الجلباب وغطاء الوجه.... وعندما عاد شباب الى اللحى والى الدشاديش والى العمامة او الطاقية وعندما عادت النساء الى الجلباب وغطاء الوجه... بدء الهمز واللمز عليهم والسخرية... واصبحو ابو لحية وابو طاقية وابو .... وابو.... واصبحوا "بدهم يجبوا الدين على مالطة" و"ماسكين الدين من ذنبته" والكثير من الالقاب...

"بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء"

24‏/08‏/2009

.... والى اللقاء في الجنازة القادمة

بسم الله

كانت هذه آخر ما كتبت عقب مقتل الشاب هاني غنايم، (المقال: ازمة قيادة (زعامة) في باقة الغربية) وها هو اللقاء وقد جاء... مقتل الشاب أحمد خشان... بنفس الملابسات تقريباً.. القاسم المشترك مقاهي باقة ان لم نقل محاشش باقة... أصبح ارتياد هذه المحاشش اخطر على الحياة من أنفلونزا الخنازير!!

بكلمات مختصرة... نستطيع ان نجلس ونذنِّب الكثيرين لأنهم مقصرون وهم مقصرون... ولكني أريد هنا أن أوجه نداء أن تعالوا نوجه الإصبع إلى أنفسنا.. تعالوا نتهم أنفسنا نحن معشر (الفهمانين) معشر الملتزمين أن ماذا عملنا... ماذا صنعنا لكي نمنع هذا القتل.. نحن المقصرون.. نحن المذنبون... دعوكم من اتهام الآخرين ... فهو لا يجدي نفعاً... وعندها حقيقةً إلى اللقاء في الجنازة القادمة أيضا... ولكن حينها سنبدأ ندخل بالروتين، روتين القتل..عادي... طبيعي... وبعدها تبدأ مرحلة التفنن بالقتل ... وبعدها وبعدها...

الا زلت مكتوف اليدين؟ ... تقول لي ماذا افعل؟ نحن ما عدنا بحاجة لا الى مهرجانات ولا الى خطابات ولا الى إضرابات فهل منعت هذه وتلك هذا الدم الذي سفك اليوم أن يراق؟ نحن بحاجة إلى عمل ثابت دؤوب ... لا يمل ولا يكل... إن جريمة القتل هذه دلت على أن وازع الدين والإيمان غدا ضعيفاً ... فلا بد من تقويته..

لقد اجتمع أخوة من رواد المساجد بعد الجنازة مباشرة في المسجد القديم وتباحثوا هذا الأمر الجلل ... وخرجوا بقرار تكثيف الدعوة وبالأخص خلال شهر رمضان... فمن رأى بنفسه الهمة والشعور بالانتماء لهذا البلد فانتم على موعد مع جولات دعوية في شوارع باقة وخصوصاً الشارع الرئيسي الذي يضم في خلده الكثير من أبناء الشبيبة الذين قتلهم الفراغ ... نحن نريد أن ننزل إليهم أن نكلمهم أن نحتضنهم .. هذا بالإضافة إلى زيارات دعوية للبيوت نكلم الناس الشباب.. نحاول أن نعيدهم إلى الله أن نحببهم بالدين أن نعبِّدهم لله تعالى... هذا جهد المقل فهل من مشمِّر...

الجولات ستنطلق من المسجد القديم الساعة 17:30 (بعد صلاة العصر بنصف ساعة) وبعد صلاة التراويح من المسجد القديم.

أسهل ما في الأمر إلقاء التهم على الآخرين.... الصعب أن تلقي التهمة على نفسك بالتقصير... والأصعب أن تباشر بالعلاج...

18‏/08‏/2009

الانتكاسة في رفح... دروس وعبر...

بسم الله

مرة أخرى ومن جديد، يعود مشروع البعث الإسلامي من حالة الغثائية إلى حالة العز والتمكين، يعود المشروع القهقرى بخطوات إلى الوراء، وذلك على أثر الأحداث الدامية المؤسفة في مسجد ابن تيمية في رفح، فكلما تقدَّم هذا المشروع خطوة واحدة إلى الأمام إذا بروّاده يعودون به إلى الوراء.

إذا نظرنا إلى مشروع البعث الإسلامي في طوره الحديث وقد بدأ منذ أكثر من قرنين من الزمن من لدن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مطلع القرن التاسع عشر، مروراً باجتهادات الشيخ محمد الياس ومن بعده الشيخ حسن البنا ومن بعده الشيخ تقي الدين النبهاني، فجميعهم وبلا استثناء نحسبهم صادقين مخلصين ولا نزكي على الله أحدا، نظروا إلى واقع الأمة الإسلامي التعيس من تيه وضياع وغثائية ووضعوا نُصب أعينهم همّاً واحداً: كيف الخروج من هذا النفق المظلم الذي دخلت به الأمة الإسلامية ومنذ قرون، وقد طال بها الضياع والتيه؟ كلٌ وفق اجتهاده، وأنا لست هنا بمعرض التفاضل بينهم، ومن أنا ذا حتى أفاضل بينهم.

هذا المشروع إذا نظرنا إليه بمجمله، نراه يتقدم خطوة ومن ثم يعود وينتكس إلى الوراء، وواقع الأمة الذي أشاهده أنا ألان رأيته من خلال مشهدين: الأول من خلال رحلة الحج والثاني من خلال رحلتي الأخيرة إلى عمان.

في رحلة الحج، التي يجتمع فيها ممثلو العالم الإسلامي بملايينهم الخمسة، رأيت العجب العجاب من أخلاق وتصرفات للمسلمين لا توحي أنهم مسلمون لا محبة بينهم لا اخوة تجمعهم لا ايثار بينهم، أتدرون؟.. لقد وضع لنا رسول الله سلماً من واحد إلى ستين او سبعين للإيمان أعلاه لا اله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، وعرفنا من التاريخ أن رسول الله اعلم قومه أن قولوا لا اله إلا الله تملكون بها رقاب العرب والعجم، والواقع الذي شاهدته اننا كممثلون عن الأمة الإسلامية لم نصل بعد إلى مرحلة أن نمتنع عن أن نضع إذانا على الطريق لا أن نميطه فما رأيته خلع قلبي من كميات القاذورات والأوساخ، لا بل كنت أشاهد عائلات تأكل على الأوساخ بكل أريحية وانسجام!! فالطريق نحو تحقيق التوحيد طويل، بعيد، لقد بقي ستون او سبعون درجة .... وان تحقق عندنا التوحيد وبشكل عملي ملَّكنا الله رقاب العباد قال تعالى:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً "... اما المشهد الآخر هو ما رأيته في عمان وهي عاصمة من عواصم بلاد المسلمين سكانها تجاوز المليونين نسمة، يعني باقة وجت مع بعضهما ما هما الا شارع من شوارع عمان، لقد رأيت فسقاً وانحلالاً .. تبرج .. سفور.. بيع للخمور بشكل علني وطبيعي.. ترويج للزنا بشكل شبه علني... وهذه عاصمة من عواصم المسلمين... إنني أتخيل ملايين المسلمين بغثائيتهم يناشدون أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبناء البنا وأبناء محمد الياس وأبناء النبهاني، أن أين انتم؟ حرام عليكم هذا التناحر بينكم مدوا ألينا أيديكم انشلونا مما نحن فيه من تيه وضياع ....

تقولون لي ما علاقة هذا بما حدث في غزة؟... اذكر ذات مرة، قبل سنوات طويلة كانت الأحداث في أفغانستان بعد خروج السوفييت منها ملتهبة، وكان مجاهدو الأمس الذين دعونا لهم، إذا بهم اليوم يوجهون بنادقهم الواحد ضد الآخر، والقتلى وجرحى والمشردون بمئات الآلاف، كنت في جلسة مع احد مشايخ باقة الغربية وتداولنا الواقع المحلي الباقاوي والواقع العالمي فسَأَلنا أن كلُ يبدي رأيه، حينها اذكر أني قلت لهم، لا فرق بيننا في باقة وبين أفغانستان في شيء، الفرق الواحد أن بيدهم أسلحة وهنا لا نملك الأسلحة فلو ملكنا الأسلحة هنا في باقة لفعلنا مثلهم، أن وجهنا بنادقنا على صدور بعضنا البعض!!

لو نظرنا اليوم على امتداد العالم الإسلامي وقمت بعملية استبيان لمواقف القائمين العاملين على مشروع البعث الإسلامي بأطيافه المختلفة، لوجدت عجباً، فمن كانت مشاربه اخوانية تجده يبرر لحماس ما فعلت في مسجد ابن تيمية من اقتحام وقتل وما إلى ذلك، ويصوِّب أصبع الاتهام لجماعة السلفية الجهادية، ومن كانت مشاربه سلفية تجده يبرر لجماعة السلفية الجهادية ما فعلوا من اعلان الإمارة الإسلامية ويصوِّب إصبع الاتهام إلى حماس، أما من كانت مشاربه لا اخوانية ولا سلفية فيقف على الحياد ينظر إلى هؤلاء وهؤلاء بنظرة مستخفّة ويتهم الطرفين... ولا احد يقف ليقول أين أخطأنا؟ كلنا .... السنا في مشروع البعث الإسلامي في زورق واحد؟ ألا نسمع كلنا نداءات الاستغاثة من أعماق الضمائر.. المسلمة منها والكافرة التي تستغيث بنا أن أنقذونا من التيه والضياع في دياجير الانحلال والمجون والمادية والعبودية للرأسمالية .... كان من الحري بمن كانت مشاربه اخوانية ان يوجه الاصبع لا إلى الآخرين انما إلى نفسه....ويتساءل .. أين الخطأ؟ ومن كانت مشاربه سلفية ... أن يوجه الإصبع إلى نفسه أيضا .... ويتساءل...أين الخطأ؟ أما المتفرجون... فعليهم أن يضعوا أنفسهم أيضا أمام المحاسبة أين اخطأ هؤلاء وهؤلاء وكيف لنا أن نتعلم منهما فلربما النكسة القادمة التي لا اعلم متى يمكن أن تكون قد تكون من نصيبهم... فمن يدري؟

إذا هناك مشكلة.... هناك دماء سفكت على ثرى غزة... هذه الدماء الزكية الغالية... إنها ليست كيتشوف يوضع على التشيبس أو على البيتسا، إنها دماء لمسلمين... لا بل دماء لموحدين... لا بل دماء لأناس هم من خيرة الناس، هم ممن تصدروا لأن يكونوا من رواد البعث الإسلامي ، والدماء اختلطت، فلا فرق بين دم الحمساوي ودم السلفي، فعندما يُنزلوا إلى باطن الأرض لن يسألهم الملكين أن ابرزوا بطاقة عضويتكم إنما يسألونهم: من ربكما وما دينكما وما تقولون في الرجل المبعوث فيكم؟.... سؤال موحّد للجميع... وهذا الدم المسفوح من سيدفع ديّته .... أرجوك أيها القارئ ... أرجوك.... صوِّب إصبعك ... من فضلك إلى نفسك... إلى من تتعاطف معهم من التيار الذي أنت تنتمي إليه حماس / السلفية الجهادية... وقل "أنا المذنب.. أنا المقصر... نحن المذنبون المقصرون ... التيار القريب مني : حماس/ السلفية الجهادية... هم المذنبون المقصرون..."... حتى لو ملكت ألف ألف دليل على أن خصمك هو الجاني وهو المذنب... توجه إلى نفسك وقل ما هو التقصير البسيـــ......ــط الذي أحدثته والذي كان بإمكاني أن امنع به ولو بالقليل هذا الدم القاني على ثرى غزة... لقد توقف مشروع النهضة والبعث الإسلامي لا بل عاد إلى الوراء ... أتريدون أن نبقى نبرح مكاننا ... نريد التمكين في الأرض ... نريد الرحمة للعالمين.... يا أحبتي العالم بأسره ينتظرنا... لسان حالهم يقول... " حرامٌ عليكم... يا مسلمون... اين انتم؟... بيدكم النور... بيدكم السعادة للبشرية وانتم تتصارعون على كراسي وهمية ورقية رملية؟"

إذا بحثت عن أصل المشكلة فلربما أقدم أطروحةً منمّقة مطوّلة للب مشاكل رواد مشروع البعث الإسلامي ... ولكنني ألخصها بكلمة واحدة: أن لا ثقة بيننا!!... يا أخوتي ... اعلموا أن لا حركة ولا جماعة ولا حزب إسلامي بمفرده يمثل الإسلام.... الإسلام يمثل نفسه... بنفسه... لا تتعب نفسك... كل اجتهد واشتد في جانب من جوانب الإسلام ... فمنهم من اجتهد وتميّز بالعلم والدراسة ومنهم من اجتهد وتميّز بالجهاد ومنهم من اجتهد وتميّز بالدعوة .... ولا احد... صدقوني... لا احد من كل أطياف العمل الإسلامي الذي أسميته مشروع البعث الإسلامي ... قد طاق وأبدع إبداعاً كاملاً في كل هذه الجوانب كلها وبدون استثناء... فلا بد من التكامل بالعمل وليس التفاضل... أنا افضل منك وانت افضل مني... بل ليكمل بعضنا بعضاً...

إن منبع عدم الثقة هذا نابع من مظاهر التعصب والتحزُّب البغيضه للرأي وللشيخ وللجماعة وللحزب وللحركة ... كلٌ يرى في نفسه أنه الأفضل... والآخر ضال منحرف ولوثة فكرية... هذا الواقع في غزة والعراق وأفغانستان وقد أضيفت إليه بهارات السلاح ورائحة البارود، فكانت النتائج دامية، وإذا كنت أيها القارئ غافلاً، فهذا الواقع موجود أيضاً في بلدك وحييك، أينما كنت تقرأ ألان هذه الكلمات المتواضعة... إني اعلم عن احدهم ترك جماعة من الجماعات بعدما كان قيادياً فيها... أتدرون ماذا حصل؟ لقد عاداه أفراد جماعته الأولى لا بل سبُّوه وأعلنوا عليه المقاطعة الاجتماعية والاقتصادية... انه التعصُّب البغيض... إن كنت معنا فأنت الحبيب المقرب وان لم تكن معنا فأنت العدو اللدود وان كنت على الحياد بقينا ننظر إليك نظرة الشك مصحوبة بالأمل .... وإياك إياك أن نجدك مع هؤلاء أو هؤلاء... أليس هذا هو الواقع ... وفئة كبيرة.... سئمت الجميع ... دعونا منكم من حزبياتكم وحركياتكم وصراعاتكم على لا شيء... نريد أن تتركونا بشأننا نصلي وحسب .. نريد أن نعبد الله وحسب ... نريد أن ندعو إلى الله وحسب .... دعونا منكم ... هذا هو ما حدث في رفح .... فئة تكفّر فئة وفئة تضلل فئة وفئة تخاف من فئة وقد بدأ يشتد عودها وبدأ أفراد من جماعتهم يذهبون إلى الفئة الأخرى ليستمعوا لدروسهم وخطبهم... أتعلمون انه في غزة المساجد مصنّفة حسب التوجُّه السياسي... نعم... نعم... مسجد لحماس مسجد لفتح مسجد للجهاد ومسجد للسلفية !! هذا هو واقع الحال... صلاتك في مسجد ما، تعني انك محسوب على الفئة ما... يا لها من عصبية قبلية بغلاف عصري ... عصبية الجماعة والحركة والحزب....

انه الزهو والاعتداد بالنفس ... فعندما يرى الشيخ أو أمير الجماعة أن أتباعه قد كثروا... ازداد زهوه واعتداده بنفسه... حتى أن شيخاً وقد عدّ حوله بضع أفراد مدججين بالكلاشينات وأحزمة الرصاص اذا به يعلن إمارة!!... ورجالٌ بنظرهم أنهم هزموا العدو في الحرب الأخيرة رأوا أن لا مندوحة من سحق وبالحديد والنار المخالف فغلَّبوا لغة القوة والسلاح على لغة الحكمة والتبصر والبصيرة... انه الزهو ... وقد تنحت وتراجعت شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم من التواضع والرحمة جانباً... فقد كان للتاريخ أن لا يعتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم فتح مكة إن هو سحق أهل مكة الذين حاربوه وآذوه طوال تلك السنون كلها، ولكنه صلى الله عليه وسلم، الرجل العظيم .... أبى إلا أن يكون عظيما بحلمه ورحمته فقال جملته المشهورة "اذهبوا فانتم الطلقاء"...

ختاماً، ما أدعو إليه هو وقفة من النفس للمحاسبة لا بد من خلق ثقافة المحاسبة، العصمة دفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة، لا احد معصوم عن الخطأ ولا أحد منزّه عن المساءلة ولا المحاسبة دمٌ أريق في رفح، جدير أن يقف الجميع وقفة محاسبة ومسائلة الذات: أين الخطأ؟ المسألة ليست متعلقة فقط بالأجيال الحالية إنما لأجيال المستقبل إن نحن قررنا أن نعيش كما ينبغي للمسلمين أن يعيشوا أعلوْن، سادة...وليسوا عبيد عند الأمم الأخرى.. ففي إعقاب حوادث مشابهة في دول وشعوب أخرى تُقام لجان التحقيق والتي تخرج بتوصيات ويُشرع العمل وفقها.... إن عجلة البعث الإسلامي كلما تقدمت خطوة ما تلبث أن تعود خطوات إلى الوراء.. لا بد من الوقوف والتبصُّر والتعلُّم من الأخطاء وتكريس الصواب... فدعونا من العودة كل مرة لنفس السيناريو الذي يعيد نفسه كل بضع سنين في مشهد محزن مخجل محبط مثبِّط...

04‏/08‏/2009

أزمة قيادة (زعامة) في باقة الغربية

لم يمت هاني غنايم، رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته، على فراش المرض،ولا حتى بحادث طرق، لقد مات قتلاً برصاص آثم... وقح.. في الشارع الرئيسي .. بشخص نصف ملثم!!

وكانت الجنازة في اليوم التالي... جنازة مهيبةً.. وبالآلاف.. ودَّعناه.. وذرفت عيوننا عليه وعلى أنفسنا وعلى بلدتنا باقة الذابلة.. ووري هاني التراب وقيلت كلمات التأبين المعتادة..... وهنا وقف المشيعون بآلافهم ينتظرون كلمة أحدهم... شخص ما يقف يحدِّث الناس عن "الى أين وصلنا؟ وكيف وصلنا إلى هذا؟ وكيف الخروج من هذا المأزق؟"... وقف الناس و"تمسمروا" في أماكنهم ينتظرون من يعبِّر عن ألمهم ومن يقودوهم... صدقوني لا يهم من كان سيقف... الكل سيستمع له.. ولكننا لم نجد قائداً... ولا زعيماً للبلد!باقة اليوم بحاجة الى زعامة وقيادة .... البلد تغلي بشبابها... ولا قيادة توجهها .. لا ادري لم صَمَت كل من يدَّعون القيادة والزعامة للبلد... أهكذا يمر هذا الحدث ... شاب يُقتل... ندفنه... ونعود إلى بيوتنا إلى حياتنا... بشكل عادي ... طبيعي... والى اللقاء في الجنازة القادمة!!!

نقطة تفكير وليست للمحاسبة ولا لكيل التهم...

22‏/06‏/2009

عندما وقف المحبون على شرفة ليلى

"... عندما وقف المحبون على شرفة ليلى بجموعهم الحاشدة، ينشدون حب ليلى وقد نثروا لها القصائد، والمدائح، وتعالت الأصوات كل يدعي وصلاً بليلى..
أطلت عليهم ليلى، وقالت أيها المدعون حبي، كَثُرتم، وما أعرفكم، فكيف لي بوصلكم؟ من أدعى فعليه البيِّنة لا محالة، دونكم بلاد ما وراء الضباب، أريد من هناك باقة من الياسمين مزيّنة بزهر الأقحوان، فمن ادعى الوصل بذل الجهد والمشقة، فدونكم مشوار طويـــ....ــل، وعرٌ صعب والأعداء من حولكم يمنة ويسرة يتربصون بكم، فهيا انطلقوا....
فكان من المحبين من انتكس وعاد القهقرى، ومنهم من بدء المسير فوجده صعبا صلداً فانتكس على عقبه، ومنهم من خاض الغمار، ولكن منهم من لا زال على شرفة ليلى ينشد القصائد والمدائح وقد تعالت أصواتهم بحب ليلى لا يزالون يدعون وصلاً بليلى..." (*)

....
....
فيا من ادعيت حب الله ورسوله والإسلام أين تضحياتك وبذلك الوسع الغالي والنفيس قبل البخس الرخيص؟
فما حب الله ترانيم تنشد في الليالي، ولا حب الرسول تمسُّحات يُتمسح بها على الوجوه والأجسام عند ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فما اسمه دهنٌ يُتمسح به، إنما حب الحبيب العدنان صلى الله عليه وسلم بذل الوسع والجهد لإثبات حبه، فليس كل مدَّعٍ صدقناه، فمن أدعى الغوص، قلنا له دونك البحر اقفز فيه لنراك...
فيا مدعي الحب... إن المحب لمن يحب مطيع...
قل لي بربك، كيف تدعي الحب لله ولرسوله، وأنت غارق إلى أذنيك بالربا بالبنوك بمدخرات وبرامج توفير وبطاقات ائتمان (فيزا)... وبيتك بنيته او تبنيه من "مشكنتا" (القروض الربوية)... وبعد هذا تقول لي اني محب متبع!!
قل لي بربك، كيف تدعي حب الله ورسوله، ألم تنظر إلى زوجتك وابنتك، وهما تخرجان من البيت بغير الجلباب الذي يريده ربك الذي تحبه؟ الم تنظر إليهما متبرجتان؟... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي بربك، كيف تدعي حب الله ورسوله، وتؤذي جارك الذي وصاك به حبيبك أيها المدعي، وهذه الأوراق التي ألقيتها قبل قليل من السيارة على الشارع اهو دليل حب لله ولرسوله أيضاً... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي ايها المحب، إن كنت كذلك مال بال مسجد حيِّك ان امكنه الكلام لصاح بك ان اين انت، وقد قصرت في صلاة الجماعة وتهاونت في صلاة الفجر ... وبعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي بربك، ما بالك مع زوجتك واهلك أسدٌ غضنفر وحش كاسر، أما مع الخلق فحَمَلٌ وديع وغزال رقيقٌ، تنثر لهم أطايب الكلام وأحاسنه أما مع اهلك فلا يجدون منك إلا أقبحه وأبذأه..
قل لي أيها المدعي الحب لله وللرسول، أين حلمك، أين عطفك، أين رحمتك، أين تواضعك، أين حياؤك، أين حبك لغيرك أكثر من نفسك... أين وأين...
قل أيها المدعي الحب لله وللرسول، مالك قد آثرت الدعة والسكوت والخلود إلى الأرض إذا قيل لك انفق .. أمسكت... ولكن مبارك عليك السيارة الفارهة الواقفة في الخارج؟... واحمد الله على سلامتك بعد عودتك الميمونة من السفر الكريم... اين كنت... في انطاليا ام في براغ ام في باريس... ولكن نحن بحاجة لتفرِّغ لله سويعات قليلة... آه .. آه.. نعم.. فهمناك انت مشغول دوماً... عافاك الله وسلمك ... ابق في تثاقلك إلى الأرض ... وعندما ينزل بك العذاب لا تلومنَّ إلا نفسك...
قل لي أيها المدعي الحب للرسول... ما لي أرى سيجارتك في فمك بعد، أتحب أن تجتمع بحبيبك اللحظة وسيجارتك ألاثمة في فمك؟
قل يا أيها المدعي الحب للرسول أين لحيتك؟ اين لحيتك التي أعفيتها؟؟ أين منظرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تحبه، اذهب وتعلم من الصغار كيف حبهم للممثلين واللاعبين؟ ألا تجدهم يقلدونهم في أصواتهم وحركاتهم ولبسهم... يا أيها المدعي....بعد هذا تقول لي إني محب متبع!!
قل لي أيها المدعي الحب ... الم يأن أن تبذل الوسع في من ادعيت حبه...
فما الحب بالكلام ولا بالقصائد ولا الأناشيد .... الحب بالبذل والجهد والمشقة...



(*) القصة افتراضية خيالية، من باب الامانة والعدل، وهي فقط للعبرة والمثل.

15‏/06‏/2009

عندما تخيلت نفسي من أصحاب الكهف

يومي يبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، أقيم صلاتي، ارعي شؤون أسرتي، أتقن عملي ما أمكنني، أتجنب ما أمكنني محارم الله، أغض البصر، لا اكذب، لا اسرق، التزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، أتعلم عن ديني وازداد، آمر بالمعروف أنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
أسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق جهنم.. أسعى لأنجو بنفسي من عذاب النار.."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد أن ادخل الجنة... فيوماً ما سأقف أمام الله تعالى فرداً... سائلني وأنا مجيبه...
أتخيل ... لو... مثلاً.... يوما ما لسبب ما ...فجأةً...دخلت كهفاً... كما أصحاب الكهف... أو دخلت جُباً.. كما يوسف عليه السلام... او لربما ... دخلت في غيبوبة...
أتخيل أني لبثت بهذا الانقطاع حيناً من الدهر... وخرجت إلى الدنيا....من جديد ....
وإذا.... هناك.... إعلان ...."نعلن عن إقامة خلافة إسلامية" ...
أتساءل ....هل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...
يومي سيبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، سأقيم صلاتي، سأرعى شؤون أسرتي، سأتقن عملي ما أمكنني، سأتجنب ما أمكنني محارم الله، سأغض البصر، سوف لن اكذب، سوف لن اسرق، سألتزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، سأتعلم عن ديني وازداد، سآمر بالمعروف سأنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
سأسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق جهنم .. سأسعى لأنجو بنفسي من عذاب النار .."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد أن ادخل الجنة... فيوما ما سأقف أمام الله تعالى فرداً ...سائلني وأنا مجيبه...
على المستوى الشخصي.... ما تغيَّر؟.... لا شيء...
ظني بمن أعلنوا قيام الخلافة أنهم سوف يسعون لإقامة الحدود، سوف يساعدوني أكثر على تطبيق ديني ...سوف تكون الأخبار ألطف قليلاً... فالقتل من المسلمين سوف يكون أقل... سوف نكون أعزة..
ولكن "كمان مرّةً" ... أنا يا من أريد النجاة من عذاب الله... يا من يريد النجاة والفوز بالحساب الفردي أمام الله... يوم الحساب يوم يُحشر الناس من لدن آدم وحتى قيام الساعة ... هل سأنتظر الـ "سوف" حتى تثمر شيئاً ما ... فالخلافة لا زالت في بداياتها، وأنا... لا زلت أنا... ولم اخرج عن جلدي... أريد النجاة..
فهل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...
يومي سيبدأ بصلاة الفجر، أحيانا قبله بقليل، سأقيم صلاتي، سأرعى شؤون أسرتي، سأتقن عملي ما أمكنني، سأتجنب ما أمكنني محارم الله، سأغض البصر، سوف لن اكذب، سوف لن اسرق، سألتزم بأوامر ديني وتعليماته بحدود طاقتي ووسعي، سأتعلم عن ديني وازداد، سآمر بالمعروف سأنهى عن المنكر ما استطعت، باليد ومن ثم باللسان وعلى الأقل بالقلب.
سأسعى جاهداً... لتثبيت قدمي على الصراط المضروب فوق النار.. سأسعى لأنجو بنفسي من عذاب جهنم.."فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز"... أريد ان ادخل الجنة... فيوما ما سأقف أمام الله تعالى فرداً سائلني وانا مجيبه...

قامت الخلافة واستتب الحال....
فهل سيتغير من واقعي الشخصي شيء...

اذاً ....هل الخلافة... غاية بحد ذاتها ؟؟... فواقعي الشخصي كعبد لله، مطلوب منه أوامر يجب أن يعمل بها ما استطاع وان ينتهي عن النواهي ... عبدٌ يسعى للنجاة من لهب النيران ...نيران جهنم... يسعى للفوز بجنان الرحمن ...
الخلافة ليست غاية بحد ذاتها،
إنها وسيلة لتحقيق عبودية الله تعالى في الأرض، إنها وسيلة لتكون كلمة الله هي العليا... وسيلة وليست غاية بذاتها!!
إذا كانت الخلافة كخلافة... وسيلة وليست غاية.... فهل العمل من اجلها، وفقط من أجلها ، ومن أجل الوصول إليها هو غاية بحد ذاته؟؟

التمكين والنصر والاستخلاف هو بيد الله تعالى وحده، "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض"، "وما النصر إلا من عند الله"، "ولينصرنَّ الله من ينصره"... فالنصر معقود بيد الله ...فكل ما هو مطلوب مني على المستوى الشخصي ان انصر الله تعالى بأفعالي وأقوالي ... وان اجتمعت أسباب النصر بالأمة استحقت الأمة النصر والتمكين... فالنصر والتمكين لا يُعطى بالمجان لا هبةً ولا عطيةً ... انه يُعطى للذين آمنوا وعملوا الصالحات ... انه يُعطى لمن ينصره...

المطلوب أن نُري ربنا منَّا جِداً في عبادته، جِداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ونصبر على ذلك... نضحي من اجل ذلك ... فلسنا بأفضل من المهاجرين، ألم يستحقوا التمكين وهم في مكة 13 سنة؟ ولكن الله تعالى، وهو شهيد على تعذيبهم، لم يمكِّن لهم 13 سنة طويلات بعذابها وتضحياتها ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ...والرسول صلى الله عليه وسلم يحاول 13 مرة طلب المنعة من القبائل وفي كل مرة يخفق من جديد، حتى أتاه الأنصار إلى مكة وهو لم يتوجه إليهم، أتوه هم وهو لم يأتيهم، أتوه مبايعين ... ليكرِّس لنا الشارع ان النصر منعقد فقط وفقط وفقط بيد الله تعالى... فعندما أرى المهاجرون اللهَ منهم جدَّاً وجلداً وتضحيات للدين... أتاهم النصر، وفي ظرف 10 سنوات، وهي الفترة المدنية، كانت الجزيرة العربية بأسرها تحت حكم المسلمين، الذين كانوا مستضعفين، لا بل تُجيّش الجيوش لحرب الروم ، وهي الإمبراطورية العظيمة في ذاك الزمان، في مؤتة وتبوك.
نحن في زمن بحاجة فيها للعمل والعمل الحثيث على عبادة الله تعالى وحده خالصاً... وان ندعو إلى الله تعالى على بصيرة... أقول الى الله ... لا إلى ذواتنا ولا إلى شيوخنا ولا إلى أحزابنا ولا إلى حركاتنا ولا إلى جماعاتنا بل الى الله، "قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وما أنا من المشركين"...
نحن بحاجة إلى الدعوة إلى الله، (ادعو الى الله) ، كما بحاجة إلى الدعوة إلى سبيل الرسول الواحدة (هذه سبيليبعلم (على بصيرة) بإتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم (ومن اتبعني) وليس من بُنيَّات أفكار زيد ولا عمرو ... فالعصمة دُفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة... فنحن غير ملزمون باجتهادات لا فلان ولا علاّن ،نحن ملزمون بالدليل الصحيح الصريح، وما عدا ذلك لا يلزمنا بشيء... وهذه الدعوة يجب أن تكون خالصة لله ولا نشرك معه بها احداً (وما انا من المشركين)... لا ذواتنا ولا شيوخنا ولا حركاتنا ولا احزابنا.... فقط لله تعالى...
عندها... صدقوني.... يأتي النصر... والتمكين... وعند ذاك يفرح المؤمنون بنصر الله...

08‏/06‏/2009

لقد قالها.. (قصة قصيرة جداً)

أسامه شاب في مقتبل عمره، يحمل السلاح مرابطاً على الحدود، حدود الوطن السليب، حيث الكفار الحاقدون، يقرأ القرآن كثيراً، يصوم النهار ويقوم الليل.. يتمنى الشهادة بصدق.. يحب الله ورسوله ويحب الإسلام...
يشاهد الأخبار .. لا بل يعيشها، فشعبه مضطهد معذبٌ مقهور، وهو تربى على كراهية الكفار، ومنذ نعومة أظافره، ولكنه يحب الله ورسوله والمؤمنين والمسلمين.. هذا ما علمه إياه شيخه محمد... فشيخه محمد اعلمه أن من روعة ديننا انه مجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!
تعلم أن يحب المسلمين، فهو يحبهم أينما كانوا مع اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأشكالهم وعاداتهم ....يحبهم... فقد تربى على هذا... ولكنه لا زال يشاهد الأخبار!
حمل السلاح، بعدما قُتل ممن يحبهم الخلق الكثير، وجُرح منهم العدد الكبير، تدرب على القتال حتى أصبح بطلاً مغواراً... واتى اليوم الذي خرج إلى ساحة الوغى..
لقي العدو مع اخوانه، أثخنوا فيهم الجراح، واستطاع هو ومجاهد آخر أن يلحقوا بجندي كافر، أدركوه... رفعوا سلاحهم عليه ... اسقط الجندي سلاحه... جال في رأس أسامه وجوه من أحبهم الذين قُتلوا وجُرحوا... وضع إصبعه على الزناد... همَّ بإخراج الرصاصة ليستريح البشر من هذا الكافر.... واذا بالجندي... يصرخ (لا اله الا الله محمد رسول الله)... ابعد أسامه إصبعه عن الزناد قليلا ... نظر يمنة ويسرة... لم يجد غير الجندي الكافر الذي صرخ بـ " لا اله إلا الله محمد رسول الله "... تذكر شيخه محمد الذي علمه ان يحب الله ورسوله والمؤمنين والمسلمين... ولكن المسلمين الذين أحبهم محمد قُتلوا على يد هذا "الكافر"... الذي لم يعد كافر.... الم يعلمه شيخه محمد أن من روعة ديننا ( انه مجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!)
أعاد أسامة إصبعه إلى الزناد.... و....

ماذا كنتم تتخيَّلون أسامة فاعلٌ ؟ دعوا خيالكم يسرح قليلاً...
نفس القصة مع نفس الشخصيات ولكنها حدثت قبل 1400 سنة، أسامة بن زيد كان في معركة ضد الكفار حيث لحق هو وأنصاري آخر كافراً ،وحينما أدركاه عند شجرة، شهرا سلاحهما في وجهه وهمَّا في قتله، لفظ الكافر الشهادتين، انزل الأنصاري سلاحه ولكن أسامة بن زيد لم يتردد وهوى بسيفه على الكافر فقتله، وعندما عادا إلى محمد بن عبد الله، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقصَّاَّ عليه ما حدث، غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنيع أسامة وظل يردد "ماذا تصنع بلا اله إلا الله إذا جاءتك يوم القيامة، أشققت عن قلبه" ظل صلى الله عليه وسلم يرددها حتى تمنى أسامة أن لو لم يكن اسلم قبلها !!!
أعود بكم إلى المشهد الحاضر، هل وصل المجاهد أسامة الى نفس ما وصل اليه أسامة بن زيد؟ أن "ماذا يفعل بلا اله إلا الله"، وهي الكلمة العظيمة التي ما خُلق الناس الا لتحقيقها وما خُلقنا نحن المسلمون إلا لتحقيقها وللدعوة إليها...
هل المجاهد أسامة يقاتل فعلاً وحقاً لتكون كلمة الله، كلمة التوحيد، هي العليا؟ أم يختلج قلبه نوايا أخرى، الوطن وحب الوطن والانتقام وما إلى ذلك من النوايا؟
هل توصل المجاهد أسامة إلى المعنى الذي تعلمه أن يحب المسلمين أينما كانوا، هل ذوَّت فعلاً روعة ديننا بأنه ومجرد ما أن يتلفظ المرء بالشهادتين " لا اله إلا الله محمد رسول الله" أصبح المرء عندها مسلماً مثلك مثله !!
اذا كان هذا حال من تلفظ الان بالشهادتين، كيف بالمجاهد أسامة بأخيه المسلم ابن بلده الذي يتلفظ بالشهادتين منذ سنون؟ ضعوا أنفسكم محل المجاهد أسامة وتفكروا .... بالمحبة بين المسلمين!!!!

03‏/06‏/2009

عين حوض الرمز

عندما تحدث هزة أرضية في مكان ما في العالم، لا بد لأحد المصورين أن يجد ساعة حائط قد توقفت عن العمل لحظة الزلزال، ليخلِد من خلالها، ساعة وقوع الزلزال، والصورة تكاد تنطق من شدة عبرتها، فإذا كان هذا هو حال ساعة حائط توقفت عن العمل لحظة الزلزال، فما بالك بقرية كاملة،قد توقفت فيها الحياة منذ الـ1948، لتخلِّد ذكرى نكبة شعبٍ أضحى مشتَّتاً، مشرَّداً، يتلوى بنار البعد والشتات.
يوم الجمعة الماضي، كنا على موعد مع رحلة عبر الزمن، بدون مركبة انتقال عبر الزمن، وبدون عصا سحرية، كنا في ضيافة اخ كريم عزيز، ابو أحمد، الأستاذ معين ابو الهيجا، ابن عين حوض البار حفيد الحاج محمد محمود ابو الهيجا، ابو حلمي، الذي انتقل من بلده عين حوض التراث والارث، الى عين حوض الصمود والاباء..


منظر عام لقرية حوض


عين حوض بسكانها شيوخها، شبابها، رجالها، نساءها واطفالها، هي ولا شك رمز، رمز للصمود والتحدي والإباء كما هي رمز للنكبة وما أعظمها من نكبة وما أشدَّ مرارتها، عندما تُستبدل في أرضك ودارك بغيرك..

منظر يخطف الابصار من بيت ابو احمد يطل على البحر

عين حوض قرية عربية، مسلمون أهلها، من قرى الكرمل المهجّرة عام 1948، على بعد 15 كم الى الجنوب من مدينة حيفا، كان عدد سكانها قبل النكبة يربو على الالف نسمة، كلهم من عائلة واحدة وهي عائلة ابو الهيجاء الذين يعودون في جذورهم الى القائد حسام الدين ابو الهيجاء، أحد القادة الذين رافقوا صلاح الدين الايوبي، هُجِّر أهلها قصراً عنهم، وكيف لهم ان لا يهربوا وقد سمعوا عن جيرانهم في الطنطورة وقد فُعل بهم الافاعيل واخوانهم في عين غزال الذين نزلت على رؤوسهم حمم ملتهبة من طائرات الشر وسفن الشر ومدافع الشر، كيف لهم وهم البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة ان لا يحملوا متاعهم على ظهورهم ويتركوا الدار والديار، وينتشروا في سقاع الارض وبقاعها، ومن هؤلاء الحاج ابو حلمي، الذي انتقل بأهله وعياله إلى التلة المقابلة لبلده حيث ارضه، أقام بيته هناك وصمد وصبر وتعاهد أبناؤه وأحفاده على الصبر والثبات والمطالبة بالحق ليس تفضلاً ولا منَّة ولا فضلاً من أحد، فهم أصحاب الدار والديار وليس الغرباء الذين أتوا من وراء البحار.
تجولنا في قرية عين حوض الـ48 ، واعتصر القلب ألماً، وما أشده من ألم وانت تسمع من أبي أحمد "ان هذا بيت جدي الذي وُلد فيه أبي" وقد سكنه الغرباء وهذا مسجد القرية ، فبعد ان كان يُسمع على سطحه الاذان خمس مرات في اليوم اصبح اليوم تُسمع في جنباته رنات كؤوس الخمر وقد اضحى خمّارة ويا حسرة على العباد، ولا حول ولا قوة الا بالله، لقد ابقى المحتلون البلد كما هي وحولها الى "قرية للفنانين" لينعموا بجمال الكرمل الساحر الاخّاذ.

هذا البيت كان لأحدهم يوما ما اليوم هو عيادة "كوبات حوليم"

جُبنا في اطراف القرية، انها قرية توقفت بها الحياة تماماً، فهي كما لو كانت متحف طبيعي يخلّد ذكرى اناس عاشوا فيها قبل حين من الدهر، ببيوتها وبيادرها وشوارعها وازقتها، بيوتها الجميلة التي تدل على مستوى معيشي عالي لأهلها وقد كانوا يعلمون موظفين وعمال وتجار في مدينة حيفا،

شارع من عام 1948 كما هو

الحديقة امام البيت : الحاكورة ، منظر مألوف لكل بيت عربي

لا وجود للغة العربية في عين حوض العربية

بيوت عين حوض مصنوعة من حجر "قسم" من النوع الفاخر تدل على مستوى معيشي راقي


وهؤلاء وابناؤهم واحفادهم ان أتوها اليوم يأتونها زائرين، لا حق لهم فيها، ولكن ابا احمد علّمنا كيف ينبغي لنا ان نكون نحن الاصل واصحاب الحق وكيف ينبغي ان ننظر الى سكانها وروادها اليوم الذين حلوا محل اصحاب الحق، على انهم هم الاغراب لا نحن!!
لطالما تردد في ذهني وعلى لساني قول الله تعالى :" كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ " (الدخان 25-28) وانا اطوف شوارع القرية ، (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ) ينبغي السؤال لم ورثها قوم آخرون؟
اننا والله اليوم لسنا بأكرم على الله من اهل عين حوض الـ48، فلسنا بأفضل حالا منهم، فوالله ما ضاعت الديار الا عندما هُنَّا على الله واصبحنا بلا قيمة في عين الله، فلأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم مسلم، وقد أريقت دماء المسلمين وطردوا وشردوا، فكيف هذا الهوان؟؟ ان الله منزّه عن كل عيب أو نقص فالعيب كل العيب فينا نحن..
يوم ان تركت الامة سرَّ خيريتها ، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، هُنّا على الله، قال تعالى:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (آل عمران110). عندما تركت الامة النفير في سبيل الله ، وتشبثت بالحياة الدنيا واثّاقلت الى الارض، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التوبة 38-39)،
ان أكثر ما ابتليت به الامة هو فتنة المال والنساء، وقد سقطت بالامتحان فسقطت الأمة من عين الله فاستحقت العذاب الأليم (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) وهل اشد إيلاماً من ان يستبدلك الله في ارضك وديارك ودارك (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ) وانت تنتمي لخير امة، تنتمي لأمة عزيزة ، ويستبدلك الله بالمغضوب عليهم!!! وهل هناك اعظم ذلاً من هذا...
نحن لسنا اليوم بأكرم على الله من اجدادنا، طالما لم نحقق سر الخيرية، ولم ننفر في سبيل الله بانفسنا واموالنا واوقاتنا وجهودنا لنشر هذا الدين علما وعملا وتطبيقا وتحكيما فيما شجر بيننا ونسلم تسليما لأوامر هذا الدين، قال تعالى:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " (النساء 65)